للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أن الفرق بين السمك وما ذكرتم واضح؛ لأن السمك لما لم ينجس الماء الذي تولد فيه لم ينجس ما نقل إليه، فينبغي أن يكون دود الخل إذا لم ينجس ما تولد فيه لم ينجس ما نقل إليه، فلما فرقتم بينهما كفانا هذا الفرق.

ثم إن السمك الذي مات في الماء الذي تولد فيه طاهر، فلم ينجس الماء، وأنتم تقولون إن [الدود] (١) الذي تولد في الماء نجس فينبغي أن ينجس الماء، وإن لم ينجس الماء الذي تولد فيه لم ينجس ما نقل إليه كالسمك.

وكل قياس توردونه فقياسنا أولى منه؛ لأن رد ما لا نفس له سائلة إلى مثله من الجراد أولى، ولأنه يستند إلى استعمال المسلمين ذلك على ما بيناه.

فإن قيل: دود الماء والخل والباقلاء لا يمكن الاحتراز منه، وليس كذلك العقرب والزنبور؛ لأن الأواني تحرز وتغطى (٢).

قيل: لا يمكن الاحتراز من البق والذباب، وخاصة في عمل الدِّبس (٣)، ووقوعه على التمر مع الزنبور، ولم يتحفظ أحد من ذلك، فسقط هذا. وبالله التوفيق.


(١) في الأصل: الماء.
(٢) وهذا القول خرج على القولين في مذهب الشافعي، لكن قال النووي بعد حكايته: "وهذا القول غريب، والمشهور إطلاق القولين، والصحيح منهما أنه لا ينجس الماء". المجموع (٢/ ١٠٤).
(٣) الدِّبس: ما يسيل من الرطب. الصحاح (دبس).

<<  <  ج: ص:  >  >>