للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب الآخر: هو أن الحوالة توثق بنقل الحق من ذمة إلى ذمة هي أملى من الأولى، فوجب إثبات مقتضى لفظها، كما أن الرهن يوثق بأخذ عينه لاستيفاء حقه منه، فوجب اعتبار ما يفيده لفظه، وأما براءة المحيل؛ فلِأنه من مقتضى العقد، فلا ينفى موجبه، مثل رجعة الزوج إنها تصح؛ وإن كانت متى صحت؛ أبطلت العدة، فلا يجعل ذلك بمنزلة مراجعتها ولا عدة.

وقوله: "إن براءة صاحب الأصل يمنع من ضمان غيره عنه"؛ فإننا نقول: هذا موجود فيه إذا قبض الدين فإنه قد برئ، ولم يمنع ذلك أخذ العوض، وإنما تبرأ الذمة إما بأن يبرئه بلا عوض، أو بأن يأخذ دينه فيبرأ، أو يأخذ عن دينه عوضًا وهو الدين الذي انتقل إليه، فيبرأ المحيل كما يبرأ إذا قبض (٨٢) له الدين. وبالله التوفيق.

مَسْألة (١٧):

اختلف الناس في رجوع المحتال على المحيل إذا لم يصل إلى حقه من جهة المحال عليه.

فنقول نحن: إنه إن غره المحيل بفلس يعلمه من المحال عليه؛ فإن المحتال يرجع على المحيل (١)، ولا يرجع في غير هذا الوجه (٢).


(١) انظر الإشراف (٣/ ٥٥ - ٥٦) الذخيرة (٩/ ٢٤٩ - ٢٥٢) وهذا هو الذي ذهب إليه ابن حزم في المحلى (٦/ ٣٩٢ - ٣٩٤).
(٢) في هذا الموضع زيادات في الأصل تبين بمراجعة عيون المجالس أنها وهم من الناسخ، وهي: وقال أبو حنيفة: إن مات المحال عليه مفلسًا فللمحتال أن يرجع على المحيل، ولا يرجع في غير هذا، وقال الليث، وبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>