عن أن يكون معتادا لأكثرهم أو لبعضهم، ويحكم له بحكم العادة، كما أن دم الحيض ليس الغالب في كل النساء أن يحضن خمسة عشر يوما، ولكنه قد يكون معتادا في أكثرهن أو في بعضهن، وقد حكم له بحكم العادة، فكذلك يكون خروج بقية هذا الماء معتادا في أكثر الناس أو في بعضهم، فيحكم له بحكم عادته، وكذلك دم الاستحاضة قد يكون خروجه مرة بعد مرة عادة في بعض النساء، فيكون الحكم جاريا عليها على عادتها فيه، فيجب عليها فيه الوضوء منه؛ لأن الدلالة قد أخرجته عن حكم الغسل ولم يتحقق كونه مرضا، ولا مشقة تعظم في الوضوء منه، وهو أحد الطهارتين، فأحسن أحواله أن يكون بمنزلة سائر الأحداث من البول والمذي والودي.
ألا ترى أن من خالف فيه يستحب الوضوء منه ولا يستحب الغسل، فهو كدم الاستحاضة الخارج عن أصله من دم الحيض، والله أعلم.
مَسْألة (٥٢):
حكى عن ابن وهب عن مالك ﵀ أن من جس، أو قبل، أو فعل فعلا التذ به وأكسل، ولحقته الفترة، ولم يظهر منه الإنزال حتى توضأ وصلى، ثم اندفق منه الماء فإنه يجب عليه الغسل وإعادة الصلاة.
والظاهر من مذهب مالك ﵀ أن هذا المني إذا لم تقارنه اللذة في حال خروجه أنه لا غسل منه، ولا تعاد الصلاة التي مضت قبل خروجه.
ومن أصحابنا من قال: يغتسل من هذا المني (١)، ولا يعيد ما صلى.
(١) وهو الأحوط كما قال ابن عبد البر في الكافي (١٥).