لقد أغنانا المصنف عن البحث عن سبب تأليف الكتاب، إذ قد نص على ذلك بنفسه فقال:"سألتموني -أرشدكم الله- أن أجمع لكم ما وقع إلي من الأدلة في مسائل الخلاف بين مالك بن أنس ﵀ وبين من خالفه من فقهاء الأمصار رحمة الله عليهم، وأن أبين ما علمته من الحجج في ذلك.
وأنا أذكر لكم جملة من ذلك بمشيئة الله، وعونه، لتعلموا أن مالكا ﵀ كان موفقا في مذهبه، متبعا لكتاب الله وسنة نبيه ﷺ، وإجماع الأمة، النظر، الصحيح، وأن الله خصه بحسن الاختيار، ولطيف الحكمة، وجودة الاعتبار".
والظاهر أن السائلين من العلماء، أو من طلبة العلم عنده، والله أعلم.
[المبحث الرابع موضوع الكتاب]
تقدم أن المصنف ﵀ افتتح كتابه العيون بمقدمة أصولية مختصرة بين يدي مقصوده الأعظم الذي هو مسائل الخلاف الفقهية، التي خالف فيها مالكا غيرُه، وقد بين ﵀ نفسه ذلك عندما أنهى الكلام في مسائل الأصول فقال:"هذه مقدمة من الأصول في الفقه، ذكرتها في مسائل الخلاف ليفهمها أصحابنا، ولم أستقص الحجج عليها؛ لأنه لم يكن مقصودي ذلك".
فهذا نص صريح منه أنه لم يكن مقصوده مسائل أصول الفقه، وأنه إنما