ذكرها ليجتمع للمستفيد الأمران: علم أصول الفقه، والفروع الفقهية، وقد نص على ذلك أيضا بقوله:"وقد رأيت أن أقدم لكم بين يدي المسائل جملة من الأصول التي وقفت عليها من مذهبه، وما يليق به مذهبه، وأن أذكر لكل أصل نكتة ليُجمع لكم الأمران جميعا، أعني: علم أصوله، ومسائل الخلاف من فروعه إن شاء الله تعالى".
وهذا الذي اختاره المصنف من الجمع بين الأصول والفروع صنيع حسن، ومهيع جميل، يبين الارتباط الوثيق بين العلمين، وأن الأول أصل للثاني، ومعين على فهمه فهما صحيحا، بل الغاية منه أن تصير عند الفقيه قدرة على استنباط الأحكام، وبدونه يخبط خبط عشواء، ويركب متن عمياء.
"وهذه الطريقة لم ينفرد بها المصنف ﵀، فهذا ابن جرير الطبري بدأ كتابه الفقهي "لطيف القول" بمقدمة في أصول الفقه، سماها بعد ذلك الرسالة.
وهذا أبو بكر البيهقي بدأ كتابه معرفة السنن والآثار بمقدمة وأبواب في أصول الشافعي ﵀.
وكذلك أبو بكر الجصاص الحنفي بدأ كتابه "أحكام القرآن" بمقدمة في الأصول، صارت بعد ذلك كتابا مستقلا معروفا بأصول الجصاص.
وأما من المالكية فقد مشى على هذه الطريقة جماعة منهم القرافي المالكي، فإنه بدأ كتابه الذخيرة بمقدمة في الأصول، ثم أفردها وسماها "تنقيح الفصول"، ثم شرحها في كتابه "شرح تنقيح الفصول".