للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاحتياط يطابقه، وإعظام حرمة الدين وإعزار القرآن يوافقه.

وأيضا فإن اعتبار الأصول يشهد لما قلناه، وذلك أن للمصحف حرمتين: أعلى وأدنى، كما أن للصلاة حرمتين: أعلى وأدنى، فلما منعت الجنابة حرمتي الصلاة وهما دخول المسجد، واللبث فيه وفعلها وجب أن تمنع حرمتي المصحف، وهما حمله وقراءة ما فيه من القرآن، ولما كان الجنب ممنوعا من اللبث في المسجد تعظيما له، وهو مكان القراءة والصلاة كان بالمنع من نفس القرآن أولى (١).

فصل (٢)

فأما قراءة الجنب الآية والآيتين فجائز؛ لأن الامتناع من ذلك يشق؛ لأن الناس في أكثر أحوالهم يذكرون الله -تعالى- ويتعوذون، فخفف عنهم وعفي لهم عن ذلك، والأصول تشهد لما قلناه؛ وذلك أن النبي نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يبتذله المشركون (٣)، ثم كتب إليهم: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم" (٤). إلى آخر الآيتين.

وكذلك عفي عن العمل اليسير في الصلاة؛ لأن الامتناع منه يشق، وعفي عن دم البراغيث، وعفي للصائم عن غبار الدقيق والطريق، وعن الغرر اليسير في البياعات؛ لأنها لا تخلو منه، ولو امتنعوا منه لضاق عليهم،


(١) لكن داودا يجوز له المكث في المسجد، فلا يلزمه ما ذكره المصنف هنا.
(٢) انظر المصادر السابقة في المسألة.
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٢٠٤).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٢٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>