للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب الثاني: هو أنه لو كان في الخبر أنه ما كان يمتنع من قراءة القرآن على كل حال لكان خبرنا أخص منه (١).

فإن قيل: فإنه حدث يمنع من الصلاة، فوجب أن لا يمنع من القراءة كالطهارة الصغرى.

قيل: المعنى في المحدث أنه يجوز له دخول المسجد والجلوس فيه، وليس كذلك الجنب، وعلى هذا التعليل لا تقرأ الحائض (٢).

وإن شئنا قلنا: الغالب من أمر الناس الحدث، (٦٦) فتلحقهم المشقة بالامتناع من القرآن خوف نسيانه.

على أنهم لا يقولون بالقياس فسقط.

فإن نقلناه على أصولنا فنقول أيضا: إن المحدث تحل له الصلاة للطهارة الصغرى، فجاز له أن يقرأ.

ثم قياسنا أولى؛ لأن نص السنة يعضده، وفعل الصحابة يؤيده،


(١) في الاستدلال بحديث الخصوص نظر؛ لأنه فعل مجرد، فلا يدل على تحريم ما عداه، وأجاب الطبري عنه بأنه محمول على الأكمل جمعا بين الأدلة. الفتح (٢/ ٨٤)
وقال ابن حزم: "وهذا لا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس فيه نهي عن أن يقرأ الجنب القرآن، وإنما هو فعل منه لا يلزم، ولا بين النبي أنه إنما يمتنع من قراءة القرآن من أجل الجنابة، وقد يتفق له ترك القراءة في تلك الحال ليس من أجل الجنابة، وهو لم يصم قط شهرا كاملا غير رمضان، ولم يزد قط في قيامه على ثلاث عشرة ركعة، ولا أكل قط على خوان، ولا أكل متكئا، أفيحرم أن يصام شهر كامل غير رمضان؟ أو أن يتهجد المرء بأكثر من ثلاث عشرة ركعة؟ أو أن يأكل على خوان؟ أو أن يأكل متكئا؟ هذا لا يقولونه، ومثل هذا كثير جدا". المحلى (١/ ٩٥) وانظر أيضا الأوسط (٢/ ٢٢٣).
(٢) سيأتي حكم قراءة القرآن للحائض في الفصل بعد التالي.

<<  <  ج: ص:  >  >>