للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولحقت فيه المشقة، وقد يباح من الأشياء عند الضروريات ما لا يباح عند عدمها ليخف عن الناس.

من ذلك: دخول الحمام بقطعة لا يعلم الحمامي ولا الداخل كم مبلغ ما يستعمل من الماء، وكذلك عبور دجلة مع الملاح بقطعة مجهولة الوزن، وكذلك قطعة الشارب، وما أشبه ذلك، ونحن نعلم أن العمل في الصلاة، وجميع ما ذكرناه ممنوع منه في الدين، ثم قد تجوز عنه تخفيفا، فكذلك فيما ذكرناه، وهذا في الأصول كثير؛ لأنه ليس بمقصود.

فإن استدلوا بقوله : "لا يقرأ الجنب شيئا من القرآن" (١).

فهذا عام في القليل والكثير (٢).

قيل: نخصه بما ذكرناه فنقول: إلا الآية والآيتين.

وأيضا فقد حصل الاتفاق على جواز قوله: "بسم الله الرحمن الرحيم"، و"الله الرحمن"، أو "بسم الله"، وكذلك نجوز الآية والآيتين، لأنه يسير من


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٢١٠).
(٢) لأن بعض الآية والآية قرآن بلا شك، ولا فرق بين أن يباح له آية أو أن يباح له أخرى، أو بين أن يمنع من آية أو يمنع من أخرى، وأهل هذه الأقوال يشنعون مخالفة الصاحب الذي لا يعرف له مخالف، وهم قد خالفوا ههنا عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وسلمان الفارسي؛ ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة ، وأيضا فإن من الآيات ما هو كلمة واحدة مثل: ﴿وَالضُّحَى﴾ و ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ و ﴿وَالْعَصْرِ﴾ و ﴿وَالْفَجْرِ﴾، ومنها كلمات كثيرة كآية الدين، فإذ لا شك في هذا؛ فإن في إباحتهم له قراءة آية الدين والتي بعدها، أو آية الكرسي أو بعضها ولا يتمها، ومنعهم إياه من قراءة ﴿وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ﴾، أو منعهم له من إتمام ﴿مُدْهَامَّتَانِ﴾ لعجبا". المحلى (١/ ٩٥ - ٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>