وأيضا فإن كل ما يقدر عليه قبل التلبس بالصلاة لزمه المصير إليه فإنه إذا قدر عليه بعد التلبس بها لزمه المصير إليه، كالقدرة على القيام والقدرة على القراءة، والقدرة على ستر العورة؛ لأنه قبل أن يدخل في الصلاة لو كان قادرا على أن يصلي قائما لم يجز أن يصلي قاعدا، ثم لو كان عاجزا عن القيام فاستفتح الصلاة قاعدا، ثم قدر على القيام لزمه أن يقوم.
وكذلك لو كان يحسن أن يقرأ لم يجز له أن يصلي بغير قراءة، ثم لو كان لا يحسن القراءة فدخل في الصلاة ثم قدر على القراءة، مثل أن يكون أميا فيدخل في الصلاة، ويلقن آية من القرآن لزمه أن يقرأ.
وكذلك لو كان قادرا على ستر عورته لم يجز له أن يدخل في الصلاة مكشوف العورة، ثم لو كان عاجزا عن ذلك، فاستفتح الصلاة، ثم قدر على سترتها لزمه أن يسترها، كذلك الماء في التيمم مثل ذلك.
قيل: أما قياسكم عليه لو وجده قبل الدخول في الصلاة فإنه غير صحيح؛ لأن قولكم "طاهر متيقن" لا تأثير له إذا وجده قبل الدخول فيها؛ لأن المتيقن والمشكوك فيه من سؤر الحمار بمنزلة واحدة في أنه يلزمه استعماله، ولا يستفتح الصلاة قبل استعماله.
على أنه ينتقض بصلاة العيدين والجنازة.
ثم إن المعنى في الأصل هو أنه قادر على الماء في وقت الطهارة، ألا ترى أنه تلزمه المسألة والطلب ممن يظن معه ماء، وأنه يعطيه (١)، فلهذا لزمه
(١) وسيفصل المصنف الكلام في مسألة طلب الماء فيما سيأتي.