للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والدليل لقولنا ما ذكروه من دليلهم من قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾.

وحقيقة هذا أنه لا يقال لمن لم يطلب الشيء: إنه لم يجده، وإنما يقال: ليس هو عنده، فإذا وجده من غير طلب لا يقال: إنه وجده، بل يقال: أصابه إن كان عنده (١).

وأما عتق الرقبة في الكفارة فإنه لا خلاف أنه لا يجوز له الانتقال إلى الصوم إلا بعد أن يطلب الرقبة، أو يطلب ثمنها في ملكه، فإن وجد الثمن طلب الرقبة للشراء، فأما قبل الطلب في ملكه فلا يجوز له.

كذلك الماء يطلبه أو ثمنه ليبتاعه، والعلة فيه أنه بدل عن مبدل مرتب، فوجب أن لا يجوز له الانتقال إليه إلا بعد طلب المبدل في الموضع الذي يطلب مثله فيه، أصله طلب الرقبة، أو ثمنها في المال (٢)، وطلب الماء في المواضع مثل الآبار، والحياض، والرفقة، ومواضع بيعه.

واحترزنا بقولنا: "مرتب" من مواضع التخيير في جزاء الصيد وما


(١) ولهذا لو قال لوكيله: اشتر لي رطبا، فإن لم تجد فعنبا لا يجوز أن يشتري العنب قبل طلب الرطب. المجموع (٣/ ٢٥٥).
وتعقب هذا القدوري في التجريد (١/ ٢٣٣) فقال: "لا فرق بينهما لأن المكان إذا كان الغالب فيه عدم الخبز فغلب على ظنه أنه لا يجده بالطلب جاز له شراء اللحم، وإن غلب على ظنه وجوده لم يجز له، كالماء، ولو غلب على ظنه وجوده لزمه طلبه، فإن لم يغلب لم يلزمه طلبه لأن الطلب مبالغة في التوصل إلى الماء، فلا يلزمه، كالشراء بأكثر من ثمنه".
(٢) وبالقياس على الحاكم فإنه لا ينتقل إلى القياس إلا بعد طلب النص في مظانه. المجموع (٣/ ٢٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>