للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عنه أنهما تقعدان إلى خمسة عشر يومًا (١)، وهو القياس (٢).

وإنما استحسن الأول احتياطًا للصلاة؛ لأنها تصلي قبل الخمسة عشرة يومًا لجواز أن يكون ذلك دم استحاضة؛ لأن صلاتها مع جواز أن لا يكون عليها صلاة أحوط من ترك صلاتها مع جواز أن يكون عليها صلاة (٣)، وهو علة مالك في الاحتياط؛ لأنه قد روي أنها تقعد عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن، وهو لا يقطع على الإصابة في مسائل الاجتهاد، فرأى أن يحتاط للصلاة لجواز أن يكون الحق في قول مخالفه.

فإن قيل: فينبغي أن يحتاط للصلاة بأن لا تستظهر لجواز أن تكون أيام


= فكأن أيام الاستظهار برهان على تمام الحيض، وفي التنزيل: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾.
(١) وعلى هذا القول هل تستظهر أم لا؟ المذهب على ثلاثة أقوال: أحدها: أنها لا تستظهر بشيء، وهو قول ابن القاسم وهو مشهور المذهب، والثاني: أنها تستظهر بيوم أو يومين، وهو قول مالك في كتاب ابن المواز. والثالث: أنها تستظهر بثلاثة أيام، وهو قول ابن نافع في كتاب سحنون. وسبب الخلاف: النادر الشاذ هل يعطى له حكم نفسه أو يعطى له حكم غالب جنسه .. مناهج التحصيل (١/ ١٧٠ - ١٧١).
(٢) وعنه رواية ثالثة، أنها تجلس مقدار أسنانها من النساء فقط، وهي رواية علي بن زياد. انظر الإشراف (١/ ١٩١) والذخيرة (١/ ٣٨٢).
وقال ابن عبد البر: "وقال مالك في المرأة يزيد دمها على أيام عادتها: إنها تمسك عن الصلاة خمسة عشر يومًا، فإن انقطع وإلا صنعت ما تصنع المستحاضة، ثم رجع فقال: تستظهر بثلاثة أيام بعد أيام حيضتها المعتادة، ثم تصلي، وترك قوله: خمسة عشر يومًا، وأخذ بقوله الأول المدنيون من أصحابه، وأخذ بقوله الآخر المصريون من أصحابه". التمهيد (٣/ ٥٦١). وأما مذاهب الفقهاء فسيذكرها المصنف في المسألة الآتية. وانظر وجه الأقوال الثلاثة في الإشراف.
(٣) قال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٥٣٣): "وذكروا أن مالكًا وغيره من العلماء قد جاء عنهم أنهم قالوا: لأن تصلي المستحاضة وليس عليها ذلك خير من أن تدع الصلاة وهي واجبة عليها".

<<  <  ج: ص:  >  >>