بينهما، فلما لم يدل اتصال الوقت على الجمع؛ كذلك لا يدل حكم الجمع على اتصال الوقتين.
فإن قيل: لو كان وقتهما واحدًا؛ لطولبوا بالدخول فيها في ساعة واحدة، فلما رأينا الناس على خلاف ذلك؛ دل على ما ذكرناه.
ومع ذلك لو كُلِّفوه؛ لشق (٢٩١) عليهم وأحرجهم؛ إذ هو مما لا يمكن ضبطه، وإن قلتم: إن أولها مؤقت والخروج منها مضيق؛ لزمكم مثل ذلك؛ لأننا نجد الناس متباينين في ذلك.
قيل: لو كان كذلك؛ لكان الأمر على ما ذكرتم، ولسنا نوجب على الجميع الدخول في حالة واحدة، وإنما ذلك على حسب العرف.
ثم ما نقوله في باب الفضيلة؛ فمثله نقول في الواجب، وقد مضى الجواب عن مثل هذا السؤال (١).
(١) المتأمل في القياسات التي وردت في هذا الباب يرى أنه لم يسلم منها قياس بدون انتقاض ومعارضة، والأصل القوي في هذا الباب هو الأحاديث التي بينت المواقيت من قول النبي ﷺ وفعله، فلا يجوز معارضتها بأقيسة وآراء تكون سببًا في إبطال تلك النصوص، وقد قرر المصنف هذا في غير ما مكان، وقرره أيضًا الشافعي في الأم، ومالك في المدونة، وأكثرَ من ذِكره النووي في المجموع، وغيرهم من أهل العلم، وتقرر أيضًا أن إعمال النصوص كلها أولى من إلغاء بعضها، أو ادعاء النسخ فيها بمجرد الاحتمال، والنصوص يكمل بعضها بعضًا، ويفسر بعضها بعضًا، ومن المعلوم أيضًا أنه في حالة زيادة بعض النصوص على بعض يؤخذ بالزائد إذا ثبتت صحته؛ لأن فيه زيادة علم، ولأن الأخذ به أخذ بالناقص وزيادة، فهو أولى، وأقرب المذاهب إلى الصحة ما كان حظه من النصوص والأخذ بها أوفر. والله أعلم. وانظر الأوسط (٣/ ٢٩ - ٣٠).