قيل: هذا حجة لنا؛ لأنه ﷺ نص على الخمار لأنه يستر جميع رأسها، فإذا تركت (٣٤٣) الربع؛ فلم تصل بخمار يستر جميع رأسها، ألا ترى أنه لو انكشف النصف وأكثر لقيل أيضا: إنها صلت بخمار، ولكن لا يقال: إنها صلت بخمار غطى رأسها، وإنما غطى بعضه.
فإن قيل: فإن ستر العورة عندنا بمنزلة غسل النجاسة من البدن والثوب؛ لأننا فرقنا بين العورة المغلظة والتي خفف حكمها، فاعتبرنا في المغلظة مقدار الدرهم، ففي المخففة ما ذكرناه من الربع، كما فرقنا بين النجاسة المخففة والمغلظة، وقد ثبت أن قليل النجاسة لا يتعلق به حكم، فوجب أن يكون كذلك القليل من الكشف.
قيل: هذا الاعتبار عندنا فاسد، وقد تكلمنا على اعتباركم مقدار الدرهم في النجاسة في كتاب الطهارة (١)، ولو كان هذا مما قد عفي عنه؛ لم يكن محدودا، ولكان المرجوع فيه إلى ما يغلب على الظن، كالعمل القليل في الصلاة.
وأما تحديدكم بالربع؛ فلا تنفصلون ممن حدده بالثلث؛ لأن الثلث قد اعتبر في مواضع من الشرع، وجعل في حد القليل تارة، وفي حد الكثير أخرى.
ولا تنفصلون من قول أبي يوسف وتحديده النصف، ولا ينفصل أبو يوسف من تحديدكم بالربع، ولا تنفصلون جميعا ممن حدد ذلك بالثلث، فينبغي أن يسقط التحديد. وبالله التوفيق.