للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعضهم: والقطع من مذهبه أن [المقروء] (١) يسمى قرآنا وإن كان بلغة أخرى (٢).

ومنهم من قال: إن النبي أجازه في مواضع مخصوصة، نحو ما روي عن ابن مسعود في ﴿طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ (٣) أنه قرأه: "الفاجر" (٤).

قال: والذي يقتضيه ظاهر كلامه جواز قراءته بأي لغة كانت، من عربية أو غيرها، مثل نقل اللفظ إلى ما ينبئ عن المعنى من غير أن يغادر منه شيئا، وإن أتى بما لا ينبئ عنه اللفظ - نحو السلام مكان الحمد -؛ لم يجزئه (٥).

والدليل لقولنا قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (٦).

فأخبرنا جل ثناءه أنه أنزله قرآنا عربيا، والمنزل شيء واحد، وذلك الشيء عربي يبطل أن يكون القرآن الأعجمي منزلا، فكيف وقد قال تعالى: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ (٧)، فنفى جعله أعجميا، فعلم من هذا أن القرآن العربي هو المنزل.

فإن قيل: فقد سماه قرآنا أعجميا، والكناية إليه راجعة، فدل على أن


(١) كلمة غير واضحة بالأصل، وما أثبته أقرب إلى رسمها.
(٢) انظر بدائع الصنائع (١/ ٥٢٩ - ٥٣١).
(٣) سورة الدخان، الآية (٤١).
(٤) ذكره القرطبي في الجامع (٨/ ٤٥١) وذكر نحوه عن أبي الدرداء، وأخرجه ابن جرير عن أبي الدرداء (٩/ ٧٣٥٨) وسيأتي توجيهه للمصنف في آخر المسألة.
(٥) بدائع الصنائع (١/ ٥٣١) شرح فتح القدير (١/ ٢٩٠ - ٢٩١).
(٦) سورة يوسف، الآية (٢).
(٧) سورة فصلت، الآية (٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>