للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى دار الإسلام؛ لوجب أن يثبت حقهم في النفقة التي غلبوا عليها، وإن لم تحصل حيازة فيها، وفي اتفاقهم أن تلك النفقة لا تكون في دار الإسلام دلالة على أن ما لم تحصل فيه حيازة؛ لم يثبت حق الغانمين فيه.

قيل: إن الأرض لا تصير للغانمين عندنا وإن فتحوها عنوة، والأرض إذا ملكت؛ كانت وقفًا على سائر مصالح المسلمين (١)، وهي مخالفة للغنيمة،


(١) وقد تحدث المصنف عن هذا في مسألة مستقلة، لكن كتاب الجهاد غير كامل، وفي عيون المجالس (٢/ ٧٣٧ - ٧٤٢): "وكل ما افتتح أو يفتح عنوة؛ فإن مالكا لا يرى قسمته بين الغانمين، ورأى أن يكون وقفًا، يصرف خراجها إذا ضرب عليها في مصالح المسلمين أبدا، وهو الذي لا يسعه القليل من أرزاق المقاتلة والجند في أمصار المسلمين الذابين عن حريمهم، ودمائهم، وأموالهم، وإصلاح سلبهم، وبناء مساجدهم، وتأمين شربهم، ما لا تمكن الإحاطة به مما لا بد للمسلمين منه، ولولا ذلك؛ فسد الأمر، ولم يمكن إصلاح ما لا بد منه إلا بالمال الجسيم، ولا أعلمه إلا الخراج الذي تُدِرّه الأرض المفتتحة. وقال: فإن رأى الإمام العدل من الرأي في وقت من الأوقات قسمة الأرض إذا افتتحها بين الغانمين؛ فعل ذلك، ومضى على ما يراه من المصلحة فيه، وقد وافقنا أبو حنيفة والشافعي على أن أرض السواد فتحت عنوة.
ويقول أبو حنيفة: إن عمر بن الخطاب لم يقسمها بين الغانمين، وإنما أقر سكانها فيها، وضرب على أراضيها الخراج الذي هو الجزية وهي ملك لأصحابها. ويفرق بين المتاع وغيره وبين الأراضي. فيقول في الأراضي إذا غنمت: إن الإمام بالخيار بين أن يقسمها بين الغانمين وبين أن يملكها سكانها الذين هم فيها، ويضرب عليها الخراج الذي هو الجزية، وبين أن يجلي سكانها عنها، ويأتي بقوم كفار غيرهم فيسكنهم فيها، ويملكهم إياها، ويضرب عليها الخراج، وهو الجزية.
فوافقنا في أرض السواد وما فعله عمر فيها، وخالفنا فيما بعده من الخيار، وقال: إن عمر أقرها على أملاكهم وضرب عليها الخراج.
وقال الشافعي مثل قولنا: إنها فتحت عنوة، لكن عمر قسمها بين الغانمين، الخمس لأهل الخمس، وأربعة أخماسها للغانمين، ثم رأى المصلحة في نقض القسمة فنقضها، =

<<  <  ج: ص:  >  >>