للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأيضا فإن المحاربين يستحقون - إذا قاتلوا وأخذوا المال - العقوبة على مقدار ما ذكر الله تعالى في آية المحاربين، والغانمون يستحقون الغنيمة بالقتال وحضور الوقعة، ثم قد تقرر أن المحاربين إذا جاءهم مدد وعون لهم بعد فراغهم من القتل وأخذ المال ولم يكن من المدد شيء؛ لم يشركوهم في العقوبة، كذلك الغانمون إذا جاءهم المدد بعد أن ظفروا وأخذوا المال؛ رجب أن لا يشركوهم في الغنيمة؛ لأن أبا حنيفة يقول كما نقول: إنه يشركهم من كان عونا لهم وردءا مثل الطليعة وغيرها. (٣٤) [فإن الجيش يشركهم] (١) وإن لم تكن منه مباشرة بفعل، فأما من جاء بعد ظفرهم وأخذهم ما أخذوه؛ فلا شيء عليه مما عليهم، وينظر في أمره بغير ما ينظر في أمرهم وليس لهم من هذا شيء.

فإن قيل: فقد روي أن رسول الله بعث عبد الله بن عامر في جيش إلى أوطاس، فورد على النَّبِيّ وقد فتح خيبر، فشرك بينهم وبين من كان معه بخيبر في الغنيمة (٢).

فدل على أن المدد يستحق الشركة، وإن لحقوهم بعد تقضي الحرب وحوز الغنيمة.

قالوا: وهذه المسألة مبنية على أصولنا وذلك أن الغنيمة لا تملك في دار الحرب، فإذا لم تملك؛ فكل من جاء شاركهم فيها؛ لأنّها لم تصر ملكا لهم.


(١) طمس بالأصل، والمثبت أقرب إلى رسمها.
(٢) أخرجه البخاري (٣١٣٦) ومسلم (٢٥٠٢/ ١٦٩) من حديث أبي موسى الأشعري.
وقال النووي في شرحه (١٦/ ٥٤): "هذا الإعطاء محمول على أنه برضا الغانمين، وقد جاء في صحيح البخاري ما يؤيده، وفي رواية البيهقي التصريح بأن النَّبِيّ كلم المسلمين فشركوهم في سهمانهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>