للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجز قتله إذا خيف أهل الحرب، دليله أطفال المشركين وذراريهم.

قيل: المعنى في أطفالهم أنهم لا يتقوون بهم للحرب، ولا لخلاص نفوسهم، وقد ذكرنا قياسًا يعارض هذا، ويرجحه أننا نعلم أنهم يتقوون بالخيل وتقوى بها شوكتهم، ويتوصلون بها إلى خلاص نفوسهم في الحرب، ويدركون بها ما هو غاية في الضرر بالمسلمين، فهي أبلغ من الشجر.

فإن قيل: فإن في قتل أطفالهم إضرارا بهم، وكسر شوكتهم، ومنع نفوسهم، ومع هذا فلا يجوز قتلهم.

قيل: ليس في أطفالهم تقوية لشوكتهم على القتال في الحال، ألا ترى أنه يجوز قتل الخيل إذا كانوا ركابًا لها في الحرب، ولا يجوز قتل أطفالهم وإن كانوا معهم في الحرب؛ لأنه لا ضرر على المسلمين منهم في الحال، ولا تقوية لهم بهم، بل قوتهم في الحرب بالخيل، وضررهم على المسلمين بها أمر لا يخفى، وكون الأطفال معهم يشغل قلوبهم، ويضعفها خوفًا عليهم، فجاز قتل دوابهم كما يجوز قتلهم في نفوسهم، ولم يجز قتل (٩٧) أطفالهم، فكذلك يجوز قتل دوابهم وإن لم يكونوا [رُكّابا لها] (١).

وأيضًا فإن الله قد مدح من فعل ذلك، وذكر أجرهم عليه فقال تعالى: ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ﴾ (٢).

فهو عام في جميع ما ينالونه، ولما كانت نفوسهم وأموالهم سواء في


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والمثبت من السياق.
(٢) سورة التوبة، الآية (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>