للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فقد دللنا على أن من لم يؤت الكتاب؛ بمنزلتهم في الحكم والقياس بدليل يسقط معه دليل الخطاب.

وقوله : "إلا بحقها" (١)، فمن حقها إعطاء الجزية حسب ما دللنا عليه.

فإن قيل: أهل الكتاب لا يدخلون في ذلك؛ لأنهم قائلون بلا إله إلا الله،، فصح أن المراد غيرهم.

قيل: لما صح أن من حق الكف عن قتال أهل الكتاب إعطاؤهم الجزية؛ فكذلك غيرهم من المشركين للمعنى الذي بيناه.

وأما قولهم: إن هذا إجماع الصحابة؛ لأن عمر امتنع أن يأخذ الجزية من المجوس حتى جرى فيه ما لا يخفى عن الصحابة، فلو جاز ذلك؛ لقالوا: هم مشركون لم لا يأخذها منهم؟ وهذا أظهر من أن ينتظروا فيه الخبر عن عبد الرحمن بن عوف.

الجواب: فإننا نقول: إنا لم ندع نصا ورد في أخذ الجزية من عبدة الأوثان فيلزمنا ما ذكر، وإنما توقفوا عن الحكم في حال الحادثة الواقعة لمعنى [يقاس الفرع] (٢) عليه، (١٥٤) وهذا يحتاج إلى تأمل وتدبر، واختبار الفرع بالأصل، وكيف يشتبهان، ومن أي وجه يرد إليه، حتى قال عبد الرحمن ما قال من أن النبي قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" (٣)، فاستغنوا به


(١) تقدم تخريجه (٥/ ٢٢٩).
(٢) طمس بالأصل، والمثبت من السياق.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ كتاب الزكاة باب جزية أهل الكتاب والمجوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>