للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال محمد (١): يصير محجورًا عليه قبل أن يحكم الحاكم (٢).

والدليل لقولنا هو أن ابتداء الحجر عليه يقف على استبراء حاله واختباره، والعلم بما يتلفه، وأن ذلك عادة له، وهذا أمر يحتاج إلى الاجتهاد فيه، فيقف على اجتهاد الحاكم كاختبار الغبن.

وأيضًا فإن جواز تصرفه أو بطلانه على هذا الوجه مختلف فيه، فلا ينصرف من أحد الوجهين إلى الآخر إلا بفعل الحاكم، مثل الأشياء المختلف فيها من بيع المدَبَّر (٣) وأم الولد.

وأيضًا فإنه عاقل مميز؛ فلا يبطل تصرفه إلا بأمر حادث، مثل سائر بياعاته.

فإن قيل: فإن السبب الموجب للحجر عليه هو عدم قيامه بمصالحه، فأشبه المجنون والصبي.

وأيضًا فإن الحجر يثبت عليه لتبقية ماله ويجوز أن يكثر تصرفه قبل علم الحاكم فيؤدي ذلك إلى إبطال حقه وتلف ماله، وهذا لا يصح.

قيل: أما المجنون والصبي؛ (٤٠) فحالهما ظاهرة مشاهدة، لا يحتاج في أمرهما إلى اجتهاد الحاكم، وليس كذلك هذا؛ لأنه يحتاج إلى اختبار حاله وتصرفه على أي وجه يقع، فافترق الحكم في ذلك.

فأما الفصل الثاني؛ فإننا نقول: إنه قبل علم الحاكم مختلف في حكمه


(١) وكذا ابن القاسم من المالكية، وبعض الخراسانيين من الشافعية. تكملة المجموع (١٤/ ٢١٢).
(٢) انظر الهداية مع شرح فتح القدير (٩/ ٢٦٨ - ٢٧٠) وأما أبو حنيفة فقد تقدم أنه لا يرى الحجر على البالغ أصلًا.
(٣) وهو العبد الذي علق سيدُه عتقه بموته. انظر النهاية (٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>