قيل: هذا قد قبِل الحوالة واتبع، وإنما الكلام في المحال عليه، وليس في الخبر:"فليقبل الحوالة"، إلا أن الأمر يتضمن ذلك، ولكنه مخصوص فيمن ليس المحتال عدوًا له بما ذكرناه من الدليل.
فإن قيل: فإن المحتال قائم مقام الذي له الدين في استيفاء دينه؛ فأشبه الوكيل، ولو وكل من يستوفي له الدين؛ جاز وإن لم يرض به الذي عليه الدين، فكذلك إذا أحاله عليه.
قيل: قد بينا أنه لا فرق بين أن يحيل عليه عدوا له، وبين أن يوكل عليه عدوًا له، فسقط هذا.
فإن قيل: فما تقولون إن صار بينه وبين الذي له الحق عداوة بعد الدين؛ أليس له المطالبة بدينه؛ مع علمنا بأنه (٧٩) يتشفى ويسيء المطالبة أشد من المحتال والوكيل؟
قيل: هذه ضرورة لا بد لصاحب الدين من المطالبة، وليس به ضرورة إلى أن يحيل ويوكل غيره ممن هو عدو لمن عليه الحق، والضرورات لا يحمل عليها غيرها.
فإن قيل: فألزموه أن يوكل من ليس بعدو لمن عليه الحق.
قيل: لو قلنا هذا؛ لجاز، وإن قلنا: لا يلزمه؛ [لصح](١)؛ لأنه مطالب بحق نفسه فيه ضرورة، والمحتال والوكيل إذا كانا عدوين لمن عليه الحق؛ لا ضرورة بهم إلى ذلك، وإنما قصدا ما ذكرناه من الضرر بمن عليه الدين. والله أعلم.