للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضامن لحق يستوفي من العين، والحق هو المنافع وإن لم يضمن العين.

فإن قيل: إذا لزمه إحضار العين؛ فقد ضمن العين.

قيل: قد بينا فساد هذا بالدار والعبد المؤاجرين.

فإن قيل: إن كل ما لم يكن مضمونا حين التلف؛ لم يكن مضمونا حال البقاء كالوديعة، وما كان مضمونا حين التلف؛ كان مضمونا حين البقاء كالغصب والعارية، وقد تقرر أن المكفول به لو تعذر رده بموته أو غيبته؛ لم يلزم الكفيلَ شيء (١)، فدل على أنه لا يلزمه الرد والضمان إذا تمكن من الرد.

قيل: إن رقبة الحق لا تكون مضمونة في حال التلف ولا في حال البقاء، فهذا قول فاسد.

وأيضا فإن الكفالة بالإحضار تثبت للزوم الحضور على المكفول عنه، وموته يوجب سقوط الحضور عنه، فلم يجز أن يلزم كفيله ما قد سقط وامتنع وجوده بحال، وليس كذلك إذا كانت الكفالة بمال؛ لأنه متى ترك مالا؛ فإن حق المدعي يتعلق، مال، ولو لم يكن مال؛ جاز ظهور مال له بعد ذلك، أو يطرأ له مال يتعلق به الضمان، فلم يجز إثبات ما قد ثبت بالشك.

فتبين بهذا فساد قياس ما قد سقط على ما لم يسقط، فهذا الاختلاف في حال التلف لا يوجب اختلاف الحقين في حال الحياة، فلم يجز التفريق


(١) وهو قول أبي حنيفة ومالك أيضا في الموت، وذهب أبو العباس من الشافعية إلى أنه يجب على الكفيل ما على المكفول به من الحق. انظر الحاوي الكبير (٦/ ٤٦٦) التجريد (٦/ ٣٠٢٠) والإشراف (٣/ ٦٥) بداية المجتهد (٥/ ٢٨٥ - ٢٨٦) الأوسط (١٠/ ٦٢٠) وحكى الماوردي عن مالك مثل مذهب ابن سريج ولم يفصل؛ فغلط. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>