فإذا بطلت هذه الوجوه كلها؛ ثبت أنه لا يمكن ردهما عند المحاسبة إلى رأس مال، وإذا لم يمكن ذلك؛ وجب أن لا تنعقد بينهما شركة.
قيل: إننا نجوز الشركة في العروض على القيمة وإن كانت أعيانهما متميزة، ونردهما عند المحاسبة إلى قيمة ما حصل به عرضه وقت الشركة، فهما في التقدير كأن كل واحد منهما باع نصف عرضه بنصف عرض صاحبه، والثمن ما وقعت به القيمة، فكأن كل واحد منهما أخرج قيمة عرضه، فهو كما يشتريان العرض من أجنبي بما أخرجاه من القيمة، فإن حصل بعد ذلك ربح؛ فهو بينهما على قدر ما لكل واحد من القيمة، وإن كانت وضيعة؛ فكذلك، ألا ترى أن كل واحد منهما إن أخرج قيمة عرضه فخلطاه، واشتريا به سلعة؛ لكان أمرهما كذلك، فلم يلزمنا هذا الدليل في أن الشركة تصح إذا جمعا المال وإن كانت العينان متميزتين.
وجميع ما ذكروه من فساد الرجوع إلى قيمة عرض كل واحد منهما يلزم فيهما إذا أخرجا طعامين من جنس واحد (١)، أو زيتا وماء إذا خلط لم يتميز، ثم قوماه فاختلفت قيمته؛ فإن كل واحد منهما يرجع عند المحاسبة بقدر قيمة ماله، جواز أن يدخله ما ذكروه في قيمة العروض.
والله الموفق.
* * *
(١) وهم يقولون بجواز الشركة فيه، وحكى ابن رشد في البداية (٥/ ١٨٩) الإجماع على جوازه.