للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فإن الشركة إنما تصح إذا كان كل واحد منهما يستحق ربحا في مقابلة أمر كان منه، ألا ترى أن شركة العنان كل واحد من الشريكين فيها يأخذ الربح في مقابلة ماله، وشركة البدن تتضمن أن كل واحد منهما يستحق ربحا لم يخرج في مقابلة عمل، لأن أحدهما إن عمل؛ كانت أجرته مستحقة له ولشريكه، وتلك الأجرة إنما تخرج في مقابلة ما عمل العامل، وشريكه يستحق نصيبه من غير أن أَخرج في مقابلته عملا، فوجب أن تكون الشركة فاسدة.

قيل: [إنهما] (١) إذا عملا في صنعة واحدة؛ فقد حصل ما يأخذه كل واحد منهما نصفه بعمله والنصف الآخر بنصف عمل صاحبه، كما يأخذ الآخر منه مثله، فصار كل واحد منهما كأنه قد استأجر صاحبه بنصف عمله، وقد بينا جواز ما هو أضعف هو من هذا، وهو الصانع يأخذ أجرة ثوب مائة درهم، ثم يستأجر عليه من يعمله بخمسين، فيحصل له خمسون بعمل غيره على التحديد، فأخذه بعمل غيره كما يأخذ غيره بعمله؛ أولى بالجواز.

وعلى أنهما إذا اشتركا في صنعة واحدة مثل خياطة قميص، وشرطا أجرته درهما؛ فقد حصل لكل واحد منهما نصفه بالشركة، فكان ذلك معلوما كضامن المال في شركة العنان، وإنما يتوجه ما ذكروه على من جوز أن يشتركا في صنعتين (٢)، أما نحن؛ فلا يلزمنا هذا.

فإن قيل: قد ثبت أنهما لو اتفقا على أن يكونا شريكين في كسب أحدهما [دون ما] (٣) يكسبه الآخر فيه؛ كانت الشركة فاسدة، فيجب أن تكون شركة


(١) في الأصل: إنما.
(٢) وهو أبو حنيفة كما تقدم.
(٣) في الأصل: وما.

<<  <  ج: ص:  >  >>