وأيضا فإن رضا الخصم غير معتبر في وكالة المدعي؛ فكذلك حضوره؛ لأن الوكالة حق الموكل ونيابة عنه.
فإن قيل: فإن الوكالة حق يدعيه على غائب، والقضاء على الغائب لا يجوز إلا بحضوره أو بحضور من يقوم مقامه.
قيل: ليس الوكالة حقا للمدعي على الغائب، وإنما هي نيابة عن الموكل في الدعوى على الغائب، فلا يحتاج إلى حضوره في تثبيت الوكالة كما لا يعتبر رضاه، ثم إذا ثبت حينئذ؛ توجهت بالدعوى إذا ادعيت، ثم إذا جاز أن يقوم مقام الغائب غيره؛ جاز للحاضر أيضا أن يقيم مقامه غيره، فأما الحكم على الغائب؛ فيجوز عندنا.
فإن قيل: فإن الوكالة حق، ولا تثبت إلا على خصم، كسائر الحقوق.
قيل: إن الوكالة حق، وذلك الحق نيابة عن المدعي، فيحتاج أن يثبت نيابة عنه، ثم ينظر بعد ذلك فيمن يدعى على الخصم.
وأما قولهم:"إن الوكيل لا يدعي على الخصم حتى يثبت وكالته"؛ فإنه غلط؛ بدليل أنه لا يدعي على الرجل إلا خصم، والخصم إما أن يحضر بنفسه، أو يوكل غيره، والوكيل قبل أن يثبت وكالته لا يخاصم عن نفسه؛ لأنه لا يدعي لنفسه شيئا، ولا يخاصم عن الموكل؛ لأنه إنما يخاصم عنه إذا ثبت توكيله، فحينئذ يستحق أن يخاصم عنه، وقبل هذا ليس بخصم، فإذا يكن خصما؛ فلا معنى لدعواه إلا على الموكل أنه قد وكله.
وأيضا فإنه لم يثبت حق النيابة عن غيره، ولا تسمع دعواه عليه بذلك،