للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن رضاه في فسخ الوكالة شرطا؛ لم يكن حضوره شرطا.

وأيضا فإنه عقد جائز؛ فوجب أن يكون للعاقد فسخه من غير حضور صاحبه، أصله القراض والشركة.

وأعني بقولنا: "جائز" أن له رفعه بعد الدخول فيه من جهة كل واحد منهما، وليس بلازم لا يجوز له فسخه كالبياعات والإجارات.

فأما قولهم: "إنه يضيع حق الموكل"؛ فإننا نقول: ليس الأمر كذلك، بل إنما يبطل بالعزل تصرف الوكيل في ثاني، ويكون المال في يده على سبيل الأمانة والوديعة كما كانت يده عليه قبل أن ينعزل.

فإن قيل: إن عقد الوكالة يتضمن نقل حق الموكل عن العين [إلى] (١) بدل، فمتى التزمه له؛ لم يسقط لغير حضرته، أصله البيع المشروط فيه الخيار على أصلنا.

قيل: إن الخيار وهذا سواء على أصلنا؛ فلم يسلم ما ذكرتموه.

على أننا لو سلمنا أصلكم في الخيار؛ لم يلزم؛ لأن الخيار تضمنه عقد البيع الذي هو لازم، وعقد الوكالة جائز، ألا ترى أن له أن يعزل نفسه بحضرة الموكل شاء أو أبى، وليس له في عقد البيع أن يرفعه شاء الآخر أو أبي حضوره وعدم حضوره.

فإن قيل: فإنه التزم الأمانة في العين؛ فلم يكن له إسقاطها بغير حضوره،


= فالوكيل يسقط حق موكله الذي التزمه، فصار كعزله نفسه عن الوديعة. التجريد (٦/ ٣٠٧٧).
(١) في الأصل: التي.

<<  <  ج: ص:  >  >>