للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضا فإن وصي الأب قد أقامه الأب مقام نفسه؛ فأشبه تصرفه تصرف الأب، وقد جوزتم للأب أن يشتري لنفسه ويبيع من نفسه.

وأيضا فإن الوصي قائم من طريق الحكم مقام الأب؛ فأشبه الجد، والجد يجوز عندكم أن يبيع مال اليتيم من نفسه، ألا تري أن كل واحد من الجد والوصي ولايته منتقلة من جهة الأب، فما يجوز لأحدهما يجوز للآخر مثله.

ونقول أيضا: إنه إذا باع من الأجنبي بمثل القيمة؛ جاز، وأن المنفعة للصغير مطلوبة باجتهاده، وإذا باع من نفسه بزيادة على القيمة؛ فقد حصلت المنفعة بيقين، فإذا جاز تصرفه في الموضع الذي يطلب المنفعة فيه باجتهاد؛ فلأن يجوز فيما تيقنا فيه المنفعة أولى.

وأيضا فإن الغرض من البيع هو حصول الثمن [لا] (١) أعيان مَن يشتري؛ بدليل أن الوكيل لو اشترى لموكله شيئا ولم يذكر الموكل في عقد البيع؛ صح الشراء، فلو كان غير المشتري مقصودا؛ لم يكن بد من ذكر من يقع له الشراء في العقد، ألا ترى أن النكاح لما كان المقصود منه العين؛ لم يكن له بد إذا وكل في تزويج أن يذكر في العقد عين الرجل، فيجب بحصوله أن يصح، ولا فرق بين أن يكون المشتري هو الوصي أو غيره.

فإن قيل: فقد روي "أن رجلا أوصى إلى رجل وكان فيما خلف دابة، فأراد أن يشتريها، فسأل ابن مسعود فقال: لا" (٢).


(١) في الأصل: ألا.
(٢) أخرجه البيهقي (٦/ ٤٦٦) عن صلة قال: "شهدت عبد الله -يعني ابن مسعودـ وأتاه رجل من همدان على فرس أبلق فقال: إن رجلا أوصى إليّ وترك يتيما، أفأشتري هذا الفرس =

<<  <  ج: ص:  >  >>