للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الله تعالى: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ (١) يتضمن معنيين:

أحدهما: أن على الزاني جلد مائة.

والآخر: أن ما عدا المائة على ما كان عليه في الأصل.

فإذا قالوا: نعم، ولا بد من ذلك.

قيل لهم: إذا كانت المائة حكمها باقيًا (٢) بحاله، وما عداها حكمه حكم المائة قبل ورود السمع بوجوبها، ووجدنا المائة لم يؤثر النفي فيها شيئًا، لا بأن أبطلها ولا أبطل شيئًا منها، وكان ما عداها لا يصح أن يكون منسوخًا، كما لا يكون استئناف الشرع بالوجوب ناسخًا، لما لم يكن في العقل وجوبه؛ فلم يبق شيء يصح أن يكون منسوخًا (٣)، وبالله التوفيق.


(١) سورة النور، الآية (٢).
(٢) في (ص) و (خ): باق.
(٣) ذهب الباجي إلى أن الزيادة إذا غيرت حكم المزيد عليه فجعلته غير مجزئ بعد أن كان مجزئًا؛ وجب أن يكون نسخًا، مثل ما زيد في صلاة الحضر وكانت ركعتين فجعلت أربعًا، وصارت الركعتان غير مجزئة بعد أن كانت مجزئة؛ فإن هذا يكون نسخًا، وإن كانت الزيادة لا تغير حكم المزيد ولا تخرجه من الإجزاء إلى ضده؛ لم يكن نسخًا، نحو أن يضاف إلى الخمس الصلوات صلاة سادسة، أو إلى شهر رمضان شهر آخر. وعزاه إلى القاضي أبي بكر وأبي جعفر وابن القصار!! انظر إحكام الفصول (١/ ٤١٦ - ٤١٧).
وفي المسألة مذاهب أخر. انظر مختصر المنتهى (٢/ ١٠١٩ - ١٠٢٢) المستصفى (١/ ١١٦ - ١١٨) الإبهاج (٢/ ١١٤١ - ١١٤٢) إرشاد الفحول (٣٣١ - ٣٣٣) وقد تصدى ابن القيم للرد على مذهب الحنفية بأن الزيادة على النص نسخ، وأبطل ذلك من اثنين وخمسين وجهًا. انظر إعلام الموقعين (٤/ ٨٣ - ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>