للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى ذلك نية.

قيل: هذه الظواهر كلها لو تجردت من ذكر النية لم يمتنع أن يلحق بها حكم النية بالأدلة التي تقدمت (١).

فإن قيل: فقد علم النبي الأعرابي كيف يتوضأ (٢)، ولم يذكر له النية، وهذا موضع تعليم لا يجوز أن يُغفَل فيه شيء من الواجب عليه (٣).

قيل: إنما علمه النبي الظاهر، ألا ترى أنه لم يذكر له الماء، ولا الماء المستعمل عندكم.

وأيضًا فقوله: "توضأ كما أمرك الله" (٤)، فيه دلالة على النية؛ لأنها مما أمر الله - تعالى - على ما بيناه.

وجواب آخر: وهو أن هذا قضية في عين، فيجوز أن يكون علم منه أنه يعلم النية فلم يشتغل بها، وليس يجب أن يعلمه كل شيء في حالة واحدة.

وعلى أنه قد علمه الصلاة، ولم يذكر له نية، ولم يدل ذلك على سقوط النية في الصلاة (٥).


(١) على أن حديث أم سلمة كان سؤالًا عن نقض الضفائر فقط هل هو واجب أم لا؟ وليس فيه تعرض للنية. أفاده النووي في المجموع (٢/ ٣٢٦).
(٢) تقدم تخريجه (٢/ ٨).
(٣) وفي ذلك أوضح دليل على أنها ليست من فروضها. أحكام القرآن للجصاص (٢/ ٤٢٣).
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٨).
(٥) قيل: "إنما جاز ذلك في الصلاة من وجهين: أحدهما: أن الصلاة اسم مجمل مفتقر إلى البيان، غير موجب للحكم بنفسه إلا ببيان يرد فيه، وقد ورد فيه البيان بإيجاب النية، فلذلك أوجبناها، وليس كذلك الوضوء؛ لأنه اسم شرعي ظاهر المعنى بيّن المراد، فمهما ألحقنا به =

<<  <  ج: ص:  >  >>