للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجز أن يمسه به، كذلك الحدث لما كان حكمه حالا في جميع أعضائه منع من مسه.

وما ذكروه من مس الصبيان المصاحف والألواح فإن الصبيان لا عبادة عليهم، فطهارتهم، ناقصة، ولا فرق بين مسهم إياها على طهارة أو على غير طهارة (١)، وليس كذلك الكبير؛ لأن طهارته تكون تامة، فمنع من مسه إلا على طهارة.

وأيضا فلو منعنا الصبيان من مسه إلا على طهارة أدى إلى أن لا يتعلموا القرآن؛ لأنهم إنما يتعلمونه في المصاحف والألواح، والغالب من أحوالهم أن يكونوا غير متطهرين.

وعلى أن قياسنا مرجح باستناده إلى ظاهر القرآن، وسنة النبي ، وفعل الصحابة ، والاحتياط، وإعظام حرمة المصحف، والله أعلم.

وقد روي "أن عائشة كانت تقرأ القرآن وهي حائض، ويمسك لها المصحف، ولا تمسكه هي" (٢)، فلو كانت قراءتها في المصحف كقراءتها غير المصحف لما أمسك لها غيرها، ولعرَّفها أحد الصحابة جوازه، وهذا ظاهر منها، لا يعرف لها فيه مخالف، وعائشة مع اختصاصها برسول الله ، واختصاصها بمعرفة أحكام الحيض لا يجوز في ظاهر الحال أن تكون فعلت ذلك إلا وعندها من النبي فيه توقيف، وبالله التوفيق.


(١) وأيضا أبيح لهم للضرورة كما قال النووي في المجموع (٢/ ٧٠٢) فلو اشترطنا الطهارة؛ أدى إلى تنفيرهم عن حفظه كما قال ابن قدامة في المغني (١/ ١٩١).
(٢) ذكره ابن الملقن في التوضيح (٥/ ٢٦) وابن بطال في شرح صحيح البخاري (١/ ٤١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>