للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصفة، فاللقمة تشبع الصغير من الحيوان، وأكثر منها تشبع ما هو أكبر من ذلك الصغير، وإنما يختلف الشبع في الحيوان، فما يشبع الصغير منه لا يشبع الكبير، ولا يخرج الجنس كله وكل جزء منه عن جنس ما يشبع.

وهذا هو جوابنا لأصحاب أبي حنيفة في أن النبي حرم جنس المسكر وهو قليله وكثيره (١)؛ لأن قليله يسكر ما صغر من الحيوان، كما يسكر كثيره ما كبر من الحيوان.

ومع هذا فقد عقل العلماء أن الله - تعالى - لم يرد أن مياه الدنيا كلها هي الطاهرة المطهرة، وأن ماء دجلة لا تكون له هذه الصفة دون انضمام ماء البحر إليه، فسقط هذا الوجه.

وأما قولهم: "إن الطهور هو الطاهر المطهر، لا ما تكرر منه الطهارة" فإننا نقول: إنما سمي بهذا الاسم ووصف بهذه الصفة للمبالغة فيما يتكرر منه، كما قيل: سيف قتول، ورجل شكور، فإذا وصف بهذه الصفة لهذا المعنى لم تزل صفته باستعماله أول مرة؛ لأن هذه صفة طاهر مطهر، لا صفة طهور.

وأيضا فإن الله - تعالى - قال: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ (٢).

فهو على عمومه أينما وجد، وليس يخرج باستعماله عن كونه منزلا من السماء.


(١) يشير إلى ما أخرجه أبو داود (٣٦٨١) والترمذي (١٨٦٥) وابن ماجه (٣٣٩٣) وأحمد (٣/ ٣٤٣) من حديث جابر مرفوعا: "ما أسكر كثيره فقليله حرام".
وأخرجه مسلم (٢٠٠٣/ ٧٣) بلفظ: "كل مسكر حرام".
(٢) سورة الأنفال، الآية (١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>