للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أردت شريف القوم كلّهم ... فانظر إلى ملك في زيّ مسكين

أرى أناسا بأدنى الدّين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا في العيش بالدّون

فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما اس ... تغنى الملوك بدنياهم عن الدّين

وقال التّهاميّ: [الكامل]

حكم المنيّة في البريّة جاري ... ما هذه الدّنيا بدار قرار (١)

بينا يرى الإنسان فيها مخبرا ... حتى يرى خبرا من الأخبار

طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفوا من الأقذار والأكدار

ومكلّف الأيّام ضدّ طباعها ... متطلّب في الماء جذوة نار

وقال أبو حاتم: إنّما بيني وبين الملوك واحدة؛ أمّا أمس فلا يجدون لذته، وأنا وإيّاهم في غد على وجل، وإنما هو اليوم، فما عسى أن يكون اليوم! أخذه أبو العتاهية فقال: [البسيط]

حتّى متى نحن في الأيّام نحسبها ... وإنما نحن فيها بين يومين (٢)

يوم تولى ويوم نحن نأمله ... لعلّه أجلب الأيام للحين

ولحاتم: [الطويل]

هل الدّهر إلا اليوم أو أمس أو غد ... كذا الدّهر فيما بيننا يتردد

تردّ علينا ليلة بعد يومها ... فلا عمرنا يبقى ولا الدّهر ينفد

وللفقيه الباجي: [المتقارب]

إذا كنت أعلم علما يقينا ... بأنّ جميع حياتي كساعه

فلم لا أكون ضنينا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعة!

وله أيضا: [الطويل]

تبلغ من الدّنيا بأيسر زاد ... فإنك عنها راحل لمعاد

وغضّ عن الدّنيا وزخرف أهلها ... جفونك واكحلها بطيب سهاد

وجاهد عن اللّذات نفسك جاهدا ... فإنّ جهاد النّفس خير جهاد

وما هي إلا دار لهو وفتنة ... وإنّ قصارى أهلها لنفاد

وقال آخر: [الوافر]

وما أهل الحياة لنا بأهل ... ولا دار الفناء لنا بدار


(١) الأبيات في ديوان علي بن محمد التهامي في ديوانه ص ٤٧، والبيت الأول في تاج العروس (تهم).
(٢) البيتان في ديوان أبي العتاهية ص ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>