نصيبي منها، وبقي نصيبك، فلما أخذه الصّفع وطرق قفاه الوقع، أقبلت ألومه وأقول له:
قلت لك إني ضعيف معيل، وشكوت إليك الحاجة والمسكنة، وأقول لك خذ ربعها أو سدسها، وأنت تقول: لا آخذ إلا نصفها، ولو علمت أن أمير المؤمنين أطال الله بقاءه جائزته الصفع وهبتها لك كلّها. فعاد إلى الضحك من عتابي للخادم، فلما استوفى نصيبه أخرج صرّة فيها خمسمائة درهم، وقال: هذه كنت أعددتها لك فلم يدعك فضولك حتى أحضرت شريكا لك، فقلت: وأين الأمانة؟ فقسمها بيننا وانصرفت.
***
فقال الحكم: اللهمّ غفرا، وجعل يقلّب النّعل بطنا وظهرا؛ ثم قال: أمّا هذه النّعل فنعلي؛ وامّا مطيّتك ففي رحلي، فانهض لتسلّم ناقتك، وافعل الخير بحسب طاقتك، فقمت وقلت:[الرجز]
أقسم بالبيت العتيق ذي الحرم ... والطائفين العاكفين في الحرم
إنّك نعم من إليه يحتكم ... وخير قاض في الأعاريب حكم
فاسلم ودم دوم النّعام والنّعم
فأجاب من غير رويّة، ولا عقد نيّة، وقال:[الرجز]
جزيت عن شكرك خيرا يا بن عمّ ... إذ لست أستوجب شكرا يلتزم
شرّ الأنام من إذا استقضي ظلم ... ثمّ من استرعي فلم يرع الحرم
فذان والكلب سواء في القيم
ثم إنّه نفّذ بين يديّ، من سلّم النّاقة إليّ، ولم يمتنّ عليّ، فرحت نجيح الأرب، أجرّ ذيل الطّرب، وأقول يا للعجب!