للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من اللّواتي إذا أودت عريكتها ... يبقى لها بعدها ألّ ومجلود

قوله: أودت، أي زالت وذهبت، فهذا يدلّ على ما ذكرنا. عقلتها: حبستها، يريد أن ما يعقلها به صاحبها شيء هيّن، والعقلة مثل العقدة، ولفلان عقلة يعقل بها الناس فيغلبهم ويصرعهم. دخلتها: باطن أمرها، وفلان عفيف الدّخلة وخبيثها، أي الباطنة والسّريرة. متبينة: مكتشفة ظاهرة، أي سرّها ظاهر. المهاتين: البكر والثيّب، والبقرة الوحشية هي المهاة. هام: تحيّر من شدة الحبّ.

***

قال أبو زيد: فرأيته جندلة يتّقيها المراجم، وتدمى منها المحاجم؛ إلّا أنّي قلت له: كنت سمعت أنّ البكر أشدّ حبّا، وأقلّ خبّا، فقال: لعمري قد قيل هذا، ولكن كم قول أذى، ويحك! أما هي المهرة الأبيّة العنان، والمطيّة البطيّة الإذعان، والزّندة المتعسّرة الاقتداح، والقلعة المستصعبة الافتتاح. ثم إنّ مئونتها كثيرة، ومعونتها يسيرة، وعشرتها صلفة، ودالّتها مكلّفة، ويدها خرقاء، وفتنتها صمّاء، وعريكتها خشناء، وليلتها ليلاء، وفي رياضتها عناء، وعلى خمرتها غشاء، وطالما أخزت المنازل، وفركت المغازل، وأحنقت الهازل، وأضرعت الفنيق البازل. ثمّ إنّها التي تقول: أنا ألبس وأجلس، فأطلب من يطلق ويحبس.

فقلت له: فما ترى في الثّيّب، يا أبا الطّيب؟ فقال: ويحك! أترغب في فضالة المآكل، وثمالة المناهل، واللّباس المستبذل، والوعاء المستعمل، والذّوّاقة المتطرّفة والخرّاجة المتصرّفة، والوقاح المتسلّطة، والمحتكرة المتسخّطة. ثم كلمتها: كنت وصرت، وطالما بغي عليّ فنصرت وشتّان بين اليوم والأمس، وأين القمر من الشمس! وإن كانت الحنّانة البروك، والطّمّاحة الهلوك، فهي الغلّ القمل، والجرح الّذي لا يندمل.

***

قوله: المراجم، أي الذي ترجمه ويرجمك. خبّا: مكرا وخديعة، ورجل خبّ:

غاشّ فاجر. الأبيّة العنان: الممتنعة القياد. الإذعان: الخضوع والذلة الزّندة: ما تزند منه النار. المتعسرة الاقتداح: التي يعسر إخراج النار منها القلعة: الحصن والمكان المرتفع.

عشرتها: صحبتها. صلفة: مجاوزة حدّ الطّوق، وأصل الصّلف الإعراض عن الشيء كأنه إذا استقبلك أبديت له صليفك، وهو صفحة عنقك، ودالّتها: انبساطها، يريد انبساطها إذا أرادت أن تدلّ عليك تتكلّف ذلك. خرقاء: لا تحسن العمل. صمّاء: شديدة، كأنها لا

<<  <  ج: ص:  >  >>