أبقت بها الشّمس المنيرة مثل ما ... أبقى الحياء بوجنتي معشوق
لو أستطيع شربتها كلفا بها ... وعدلت فيها عن كئوس رحيق
وقال ابن سراج: [الكامل]
والشمس تنفض زعفرانا بالرّبا ... وتبثّ مسكتها على الغيطان
وما أحسن قول الرّصافي في معناه: [الكامل]
وعشيّ أنس للسرور وقد بدا ... من دون قرص الشّمس ما يتوقّع (١)
سقطت ولم تملك يمينك ردّها ... فوددت يا موسى لو أنّك يوشع
وقال ابن الروميّ في طلوع الشمس في خلل السحاب وذكر امرأة: [الوافر]
تريك بياض غرّتها ووجها ... كقرن الشّمس أغسق ثم زالا
أصاب خصاصة فبدا كليلا ... كلا وانفلّ سائره انفلالا
قوله: «بدا كليلا» إشارة إلى أنه عند ما بدا غاب بسرعة، وأذكر «كلا» في المقامة التاسعة والثلاثين.
وقال ابن المعتزّ في نحوه: [الوافر]
تظلّ الشمس ترمقنا بلحظ ... مريض مدنف من خلف ستر
تحاول فتق غيم وهو يأبى ... كعنّين يريد نكاح بكر
قوله: «تناهينا»، أي بلغنا النهاية، والمهلة: التراخي، يقول: قد تراخينا في انتظاره حتى بلغنا الغاية في ذلك. «تمادينا في الرحلة»، هذا على حذفمضاف للعلم به، تقديره: تمادينا في ترك الرحلة وانتظارها، ومثل هذا الحذف جائز في النظم والنثر وأنشد أبو علي: [البسيط]
أنا النذير لكم منيّ مجاهرة ... كي لا ألام على نهيي وإنذاري
أي على تركي النهي والإنذار، وقال آخر:
وأهلك مهر أبيك الدّواء ... ليس له من طعام نصيب
أي فقد الدواء، وجاء فى القرآن وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها [يوسف: ٨٢] أي أهل القرية، وهِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ [محمد: ١٣]، أي من أهل قريتك، ومثل هذا كثير في القرآن والكلام الفصيح، بما لا يتمّ المعنى إلا بتقديره؛ فالذي غلّظ الحريريّ
(١) البيتان في ديوان الرصافي ص ١٠٤.