للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشأنك فانعمي وخلاك ذمّ ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي

ولهذا تبعه الحريري في شعره.

وقال الحسن: [الكامل]

وإذا المطيّ بنا بلغن محمدا ... فظهورهنّ على الرّجال حرام (١)

قرّبننا من خير من وطئ الثرى ... فلها علينا حرمة وذمام

وقال داود بن أسلم يمدح قثم بن العباس رضي الله عنهما: [السريع]

نجوت من حلّ ومن رحلة ... يا ناق إن بلّغتني من قثم (٢)

إنّك إن بلّغتنيه غدا ... عاش لنا الخير ومات العدم

***

قال: فعلمت أنّه السّروجي الّذي إذا باع انباع، وإذا ملأ الصاع انصاع.

ولمّا انبلج صباح اليوم، وهبّ النوّام من النوم، أعلمتهم أن الشيخ حين أغشاهم السّبات، طلّقهم البتات، وركب الناقة وفات؛ فأخذهم ما قدم وما حدث، ونسوا ما طاب منه بما خبث؛ ثمّ انشعبنا في كلّ مشعب، وذهبنا تحت كلّ كوكب.

***

قوله: انباع، أي جرى ومدّ باعه، ومعناه هرب منه في سيره. يقال: صعت الشيء فانصاع، أي فرقته فتفرّق، ومعناه إذا ملأ كيسه من عطاء قوم راح عنهم. انبلج: أضاء، هبّ: انتبه، أغشاهم: غطّاهم. السّبات: النوم الخفيّ كالغاشية: ثعلب: السّبات ابتداء النوم في الرأس حتى يبلغ القلب، وسبت الرجل فهو مسبوت: نعس. والبتات: القطع البائن. فات. أي فرّ فلا يلحق.

وذكر الحريري في درّة الغواص: أن قولهم: حدث أمر بضم الدال قياسا على أخذهم ما قدم وما حدث خطأ، وإنما ضمّت الدال من حدث حين قرن بقدم للمحافظة على الموازنة، فإذا أفردت لفظة حدث زال موجب الضم، ووجب الردّ إلى الأصل. قال:

وأنشدني بعض أدباء خراسان لأبي الفتح البستي: [الرجز]

جزعت من أمر فظيع قد حدث ... أبو تميم وهو شيخ لا حدث

* قد حبس الأصلع في بيت الحدث*

***


(١) البيتان في ديوان أبي نواس ص ٦٤.
(٢) البيتان لسليمان بن قنة في الكامل ٢/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>