ألا ربّما أنعظت حتى إخاله ... سينقدّ للإنعاظ أو يتمزق
فأعمله حتى إذا قلت: قدوني ... أبى وتمطّى جامحا يتمطق
وأقبل رجل على عليّ رضي الله عنه فقال: إن لي امرأة كلما غشيتها، تقول: قتلتني قتلتني! فقال: اقتلها وعليّ إثمها.
وقع أعشى همدان أسيرا عند الدّيلم، ثم إن ابنة العلج الذي أسره عشقته، فمكنته ليلة من نفسها، فأصبح وقد واقعها ثمان مرات، فقالت له: يا معشر المسلمين، أهكذا تفعلون بنسائكم! قال: هكذا نفعل كلّنا، فقالت: بهذا العمل نصرتم، أفرأيت إن خلّصتك تصطفيني؟ فعاهدها، فحلت قيوده بالليل، وأخذت به في طرق تعرفها حتى تخلّص، فقال أسير شاعر فيه: [الطويل]
فمن كان يفديه من الأسر ماله ... فهمدان تفديها الغداة أيورها
كان عبد الله بن عمر من أنزه النّاس نفسا، وأبعدهم عن المزاح وذكر الفاحشة، فجاءه ابن أبي عتيق يوما، وكان صاحب مزاح وفكاهة، وفي يده رقعة فيها: [الطويل]
ذهب الإله بما تعيش به ... وقمرت مالك أيّما قمر
أنفقت مالك غير مكترث ... في كلّ زانية وفي الخمر
وكانت هجته بهما امرأته عاتكة بنت عبد الرحمن المخزوميّ، فقال: يا أبا عبد الرحمن، انظر هذه الرقعة وأشر عليّ برأيك فيها، فلما قرأها عبد الله استرجع فقال: ما ترى فيمن هجاني بهذا الشعر؟ قال: أرى أن تعفو وتصفح، فقال: يا أبا عبد الرحمن، لئن لقيت صاحبه لأنيكنّه نيكا جيدا، فأخذ ابن عمر من قوله وأرعد وأزبد، قال: ما لك؟
غضب الله عليك! فقال: ما هو إلا ما قلت لك، وافترقا، فلمّا كان بعد أيام لقيه ابن عمر، فأعرض عنه، فصاح: يا أبا عبد الرحمن، إني لقيت صاحب البيتين فنكته والله نيكا شافيا، وأقسم على ذلك، فصعق ابن عمر، فلما رأى ابن أبي عتيق ما حلّ به دنا منه، وقال له في أذنه: إنها والله امرأتي، فقام ابن عمر وقد سرّي عنه، وهو يضحك، فقبله بين عينيه، وقال أحسنت، زده من هذا الأدب، ، فلن يهجوك بعدها أبدا.
***
فقال له القاضي: قد سمعت ما عزتك إليه، وتوعّدتك عليه، فجانب ما عرّك، وحاذر أن تفرك، وتعرك، فجثا الشيخ على ثفناته، وفجّر ينبوع نفثاته، وقال: [الرجز]
اسمع عداك الذّمّ قول امرئ ... يوضح فيما رابها عذره
والله ما أعرضت عنها قلى ... ولا هوى قلبي قضى نذره
وإنّما الدّهر عدا صرفه ... فابتزّنا الدّرّة والذّرّه