للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طيري متى نقرت عن نخلة ... وطلّقيها بتّة بتله

وحاذري العود إليها ولو ... سبّلها ناطورها الأبله

فخير ما للّص ألّا يرى ... ببقعة فيها له عمله

***

سفه: خفة. والسفيه: الخفيف العقل. اجترائها: جسارتها وجرأتها. ذلاذلها:

أطراف ثوبها، وذلاذل القميص: ما يلي الأرض من أسافله، الواحد ذلذل مثل قمقم وقماقم. دونك: معناه قاربك ما تطلب فتناوله. اقتفي: اتبعي. سبله: طرقه، نقّرت:

أكلت ثمرتها بمنقارك، وهو مثل، ونقّرت أيضا: بحثت، والتّنقير: البحث عن الشيء، يقول: متى ما أخذت من ثمر نخلة بنصيب ففارقها ولا ترجع إليها، وفي حديث أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خلقت النّخلة والرّمانة والعنب من فضل طينة آدم عليه السلام»، والبتّة البتلة: التي لا رجعة فيها، والبتّ: القطع، سبّلها: طرقها وأصله لا بن السبيل، الناطور: حارس النّخل خاصة، بطاء غير معجمة، وقيل: هو حافظ الكرم، والجمع النواطير. الأبله: الكثير الغفلة. اللّص: السارق. وعملة: سرقة وفعلة قبيحة.

***

ثم قال لي: لقد عنّيت، فيما ولّيت، فارجع من حيث جئت، وقل لمرسلك إن شئت: [الطويل]

رويدك لا تعقب جميلك بالأذى ... فتضحي وشمل المال والحمد منصدع

ولا تتغضّب من تزيّد سائل ... فما هو في صوغ اللسان بمبتدع

وإن تك قد ساءتك منّي خديعة ... فقبلك شيخ الأشعريّين قد خدع

فقال له القاضي: قاتله الله! فما أحسن شجونه، وأملح فنونه! ثم إنه أصحب رائده بردين، وصرّة من العين، وقال له: سر سير من لا يرى الالتفات، إلى أن ترى الشيخ والفتاة، قبّل يديهما بهذا الحباء، وبيّن لهما انخداعي للأدباء.

قال الرّاوي: فلم أر في الاغتراب، كهذا العجاب، ولا سمعت بمثله ممّن جال وجاب.

***

عنّيت: تعبت. ولّيت: كلفت. رويدك: رفقك. أي أولنا منك الرّفق والمهل. لا تعقب: لا تتبع. الأذى: الضّرر، وشمل: جمع. منصدع: متفرّق. صوغ اللسان: كذبه وحيله، وفي الحديث «هذه كذبة صاغها الصوّاغ» (١)، أي اختلقها الكذّاب. مبتدع: أوّل


(١) رواه ابن الأثير الجزري في النهاية ٣/ ٦١، بلفظ: «من حديث أبي هريرة وقيل له خرج الدجّال فقال: كذبة كذبها الصوّاغون».

<<  <  ج: ص:  >  >>