للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها ما شئت من دين ودنيا ... وجيران تنافوا في المعاني

فمشغوف بآيات المثاني ... ومفتون برنّات المثاني

ومضطلع بتلخيص المعاني ... ومطّلع إلى تلخيص عاني

وكم من قارئ فيها وقار ... أضرّا بالجفون وبالجفان

وكم من معلم للعلم فيها ... وناد للنّدى حلو المجاني

ومغنى لا تزال تغن فيه ... أغاريد الغواني والأغاني

فصل إن شئت فيها تصل ... وإمّا شئت فادن من الدّنان

ودونك صحبة الأكياس فيها ... أو الكاسات منطلق العنان

***

تنافوا: تباعدوا. مشغوف: مولع شديد الحبّ. المثاني: أمّ القرآن، وقيل السّبع الطوال من أوّل القرآن. ورنّات: أصوات. المثاني: أوتار عود الغناء. مضطلع: قويّ التلخيص: تهذيب الشيء وتخليص فوائده، وكأنه مقلوب التّخليص. وتخليص عان:

افتكاك أسير. قارئ: عابد مكثر لقراءة القرآن، قار: مطعم للضيف. الجفون: العيون.

الجفان: صحاف الطّعام، يريد أن هذا أضرّ بجفونه بكثرة النّظر في الورق قارئا ما فيها وهذا بجفانه لإطعام ما فيها. مغنى: منزل. تغنّ: تصوّت. أغاريد: أصوات. الغواني:

جمع غانية، وهي المرأة الجميلة. الأغاني: جمع أغنية، وهي ما يتغنّى به. الدّنان:

خوابي الخمر. دونك، أي الزم. الأكياس: أهل الفطنة والتدبير. منطلق العنان: مسيب مسرّح.

***

قال: فبينما أنا أنفض طرقها، وأستشفّ رونقها؛ إذ لمحت عند دلوك براح، وإظلال الرّواح، مسجدا مشتهرا بطرائفه، مزدهرا بطوائفه، وقد أجرى أهله ذكر حروف البدل، وجروا في حلبة الجدل، فعجت نحوهم، لأستمطر نوءهم، لا لأقتبس نحوهم، فلم يك إلّا كقبسه العجلان، حتّى ارتفعت الأصوات بالأذان، ثم ردف التأذين بروز الإمام، فأغمدت ظبى الكلام، وحلّت الحبى للقيام، وشغلنا بالقنوت، عن استمداد القوت، وبالسّجود، عن استنزال الجود ولمّا قضي الفرض، وكاد الجمع ينفضّ، انبرى من الجماعة، كهل حلو البراعة، له مع السّمت الحسن، ذلاقة اللّسن، وفصاحة الحسن. وقال: يا جيرتي، الذين اصطفيتهم على أغصان شجرتي، وجعلت خطّتهم دار هجرتي، واتّخذتهم كرشي وعيبتي،

<<  <  ج: ص:  >  >>