للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كظّ الفرات بماء مدّ ... أغصّ به حلاقم كلّ نهر

قال عيسى بن عليّ: ما زال المنصور يشاور في أمره، حتى قال فيه ابن هرمة:

[الطويل]

إذا ما أراد الأمر ناجى ضميره ... فناجى ضميرا غير مختلف العقل

ولم يترك الأدنين في كلّ أمره ... إذا اختلفت بالأضعفين قوى الحبل

وأنشد الجاحظ: [الرمل]

ليت هندا أنجزتنا ما تعد ... وشفت أنفسنا ممّا تجد (١)

واستبدّت مرّة واحدة ... إنّما العاجز من لا يستبد

ثم قال: ولا أعلم الموصوف بالاستبداد إلا مجهّلا مذموما، والمثل السائر على الأفواه: [الطويل]

وما العجز إلا أن تشاور عاجزا ... وما العزم إلّا أن تهمّ وتفعلا

وقال سعد بن ناشب: [الطويل]

إذا همّ ألقى بين عينيه عزمه ... ونكّب عن ذكر العواقب جانبا (٢)

ولم يستشر في رأيه غير نفسه ... ولم يرض إلا قائم السّيف صاحبا

وقال ابن رشيق في أدب قوله تعالى: وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران: ١٥٩]:

[الطويل]

أشاور أقواما لآخذ رأيهم ... فيلوون عنّي أعينا وخدودا

وليس برأيي حاجة غير أنّني ... أؤنّسه كي لا يكون وحيدا

ولا أنا ممن يبعث السّهم راميا ... إلى غرض حتى يكون سديدا

فلا يتّهم عقلي الرّجال فإنني ... أعرّفهم أنّي خلقت ودودا

وأنشد الحريري بيتي بشار في درّة الغواص على أن قول الخواص مشورة بوزن مفعلة خطأ وإنما هي مشورة بوزن معونة ومثوبة مثل مكرمة من الصّحيح، فنقلت حركة الواو إلى ما قبلها فسكنت، واختلف في اشتقاقها فقيل: هو من شرت العسل أشوره إذا جنيته، فكأن المستشير يجني الرأي من المشير، وقيل من شرت الدابّة إذا أجريتها مقبلة ومدبرة لتختبرها، والاشتقاقان متقاربان. المسترشد: السّائل أن يرشد.

قمن: حقيق.

***


(١) البيتان لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه ص ٣٠.
(٢) البيتان في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>