للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبوا رءوسهم، واندفعوا بشدة، وخرطت الغصن، إذا وضعت يدك عليه ثم تجرّه عليك، فيسقط ما فيه من ورق وثمر. أنديتهم: مجالسهم. مرفّهة: الرفاهية: العيش اللّين. غرّ: بيض. محجلة: مشهورة. سقطوا: وقعوا لقطوا: جمعوا الرزق. وأصله للطير، يمتازون: يفترقون. خماصا: جياعا، بطانا: شباعا وهي للطير، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لو أنكم توكلتم على الله حقّ توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا» (١).

***

فقال له ابنه: يا أبت لقد صدقت، فيما نطقت؛ ولكنّك رتقت، وما فتقت؛ فبيّن لي كيف أقتطف، ومن أين تؤكل الكتف، فقال: يا بنيّ إنّ الارتكاض بابها، والنّشاط جلبابها، والفطنة مصباحها، والقحة سلاحها، فكن أجول من قطرب، وأسرى من جندب، وأنشط من ظبي مقمر، وأسلط من ذئب متنمّر، واقدح زند جدّك بجدك، واقرع باب رعيك بسعيك، وجب كلّ فجّ، ولج كلّ لجّ، وانتجع كلّ روض، وألق دلوك في كلّ حوض، ولا تسأم الطّلب، ولا تملّ الدّأب، فقد كان مكتوبا على عصا شيخنا ساسان: من طلب، جلب، ومن جال، نال. وإيّاك والكسل، فإنه عنوان النّحوس، ولبوس ذوي البوس، ومفتاح المتربة، ولقاح المتعبة، وشيمة العجزة الجهلة، وشنشنة الوكلة التّكلة، وما اشتار العسل، من اختار الكسل، ولا ملأ الرّاحة؛ من استوطأ الرّاحة.

***

قوله: رتقت، أي ألحمت وسدّيت، وهو ضد فتقت، تقول: رتقت الشيء، إذا ضممت بعضه إلى بعض، وفتقته: نقضته، أقتطف: أجني الثمر، وهذا مثل قوله: من أين تؤكل الكتف، قالوا: تؤكل من أسفلها، لأن المرقة تدخل بين عظامها ولحمها، فمن أكلها من أعلاها جرت المرقة عليه، ولفظ المثل على ذكره أبو عبيد: فلان أعلم من حيث تؤكل الكتف، يضرب مثلا لمن جرّب الأمور ودرى تصرّفها، قال البكري: إن لحم الكتف إذا أكل من أعلاه تناثر، وإذا أكل من قبل الغضروف، لم يتأتّ لآكله.

والغضروف: اللحم الرخص المتّصل بأسفل الكتف المتّسع، وقيل: أكل الكتف، إذا أمسك فيها بطرف الغضروف ربما سقطت فتربت، وإذا أمسكها بالطرف الآخر أمن من ذلك.

الفنجديهي: لحم الكتف إذا جذب من الجانب الأسفل انقطع بكليته، وإذا جذب


(١) أخرجه ابن ماجة في الزهد باب ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>