للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الجانب الأعلى تقطّع اللحم ولم ينقطع، لأنّ المرقة تجري بين لحم الكتف والعظم، فإذا أخذته من أعلاه تصببت المرقة عليك بسرعة، وإذا أخذت اللحم من أسفله تقشّر من عظمها فلم تنصبّ المرقة بالسرعة، وهو مثل يضرب للبصير بالأمور، وقال أوس بن حجر: [البسيط]

أم دلّكم بعض من يرتاد مشتمتي ... بأيّ أكلة لحم تؤكل الكتف (١)

يقول: أنا أعلم كيف أنا لكم.

وقال آخر: [المنسرح]

إنّي على ما ترون من كبري ... أعلم من أين تؤكل الكتف (٢)

قطرب: دويبّة تجول اللّيل كله ولا تنام، ويقال فيه أيضا: أسهر من قطرب، وهذا قول أبي عمرو، وغيره يرويه: أسعى من قطرب، لا أسهر، ويقول: هو دويبة لا تستقرّ بالنهار ويحتجّ بقول ابن مسعود: لا أعرفنّ أحدكم جيفة ليل قطرب نهار، وقطرب اسم رجل مشهور، وهو ابن المستنير صاحب المثلّث وكان من أهل العربية فجلس لسيبويه يناظره، فلما رآه سيبويه قد احتدّ بالسؤال قال: إنك لقطرب ليل، فسمّي بذلك، والقطرب أيضا ذكر الغيلان، ابن ظفر ذكر من يعوّل عليه أنه حيوان يكون بالصعيد من أرض مصر، يظهر للمنفرد من الناس، فربما صده عن نفسه إذا كان شجاعا وإلّا لم ينته حتى ينكحه، فإذا أنكحه تدوّد دبره وهلك، قال: وهم إذا رأوا من ظهر له القطرب قالوا: أمنكوح أم مروّع، فإن قال: منكوح يئسوا منه. وإن قال: مروّع سكنوه وعالجوه، قال: فقد رأيت أهل مصر وما بين يديها وما خلفها، وتحققت أهل صعيدها والعربان، وهم مستوون في الجهل بهذا الحيوان، ومختلفون الاختلاف الشديد في فعله وصورته، إلا أن أهل مصر أكثر لهجا به. والقطارب أيضا: صغار الكلاب.

قوله: أسري، أي أمشي بالليل، الجندب: ذكر الجراد، وقيل: هي دويبّة تشبه الجراد ذات جناحين، فلا تزال ترمح. ولفظ المثل: أسرى من جراد. مقمر: لاعب في القمر، وأنشط: أخفّ، والظبي يأخذه النشاط في الليلة المقمرة فيلعب، متنمر: متشبه بالنّمر وهو سبع مؤذ، جدّك: حظّك، اقرع: اضرب. رعيك: أكلك. وأراد بباب رعيك الذي يجيئك منه الرزق، ألق دلوك إلى كل حوض: لفظ المثل «ألق دلوك في الدلاء»، يضرب في بذل الجهد في اكتساب المال والبحث عليه، وهو كما قال الشاعر: [الوافر]

وليس الرزق عن طلب حثيث ... ولكن ألق دلوك في الدلاء (٣)


(١) البيت في ديوان أوس بن حجر ص ٧٦.
(٢) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه ص ٢٣٩، وفيه «على ما ترين» بدل «على ما ترون».
(٣) البيتان لأبي الأسود الدؤلي في ديوانه ص ١٦٠، ٣٠٤، ٤٢٥، وجمهرة الأمثال ١/ ٧٤، وبلا نسبة-

<<  <  ج: ص:  >  >>