للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زرتها والغمام يجلد منها ... زهرات تروق لون الرّاح

قلت: ما ذنبها؟ فقال مجيبا: ... سرقت حمرة الخدود الملاح

وقال البحتري: [البسيط]

في طلعة الشمس شيء من ملاحتها ... وللقضيب نصيب من تثنّيها (١)

وقال ابن المعتزّ: [الطويل]

سقتني في ليل شبيه بشعرها ... شبيهة خدّيها بغير رقيب

فأمسيت في ليلين: في الشعر والدجى ... وشمسين: من خمر وخدّ حبيب

وأستطرد إلى قلب التشبيه من مبالغة النّحول الذي ذكرنا، فأقول: إذا صار جسم العاشق من النحول يوصف بمثل قول الشاعر: [السريع]

أنحلني الحبّ فلو زجّ بي ... في مقلة النّائم لم ينتبه

قد كان لي فيما مضى خاتم ... والآن لو شئت تمنطقت به

وبمثل قول أبي بكر بن دريد: [السريع]

إنّ الذي أبقيت من جسمه ... يا متلف الصبّ ولم يشعر

صبابة لو أنها قطرة ... تجول في جفنك لم تقطر

صار جسم الخلالة على نحافته أكبر من جسم الصبّ بأضعاف، فينقلب التشبيه، وكذلك إذا بولغ في وصف الأكفال بالعظم صغرت عندها الكثبان، فينقلب التشبيه.

وقد ترجم ابن جنّي في خصائصه ترجمة، فقال: هذا باب من غلبة الأصول على الفروع، ثم أنشد بعض ما أنشدنا، وقرنها بمسائل من العربية حسان تشبه الباب.

وللمتقدّمين والمتأخّرين في النحول شعر كثير، ويستحسن في ذلك قول المجنون:

[الطويل]

فأصبحت من ليلى الغداة كناظر ... مع الصّبح في أعقاب نجم مغرّب (٢)

ألا إنما غادرت يا أمّ مالك ... صدى أينما تذهب به الريح يذهب

أخذه المؤمّل فقال: [السريع]

قد صرت من ضعفي إلى حالة ... تجري لها آماق حسّادي

يكاد جسمي من نحول الضّنى ... تحمله أنفاس عوّادي


(١) البيت في ديوان البحتري ص ٢٤١.
(٢) البيت لقيس بن الملوح في ديوانه ص ٦٤، ولسان العرب (غرب)، وبلا نسبة في المخصص ١/ ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>