العمر، ولفظ المثل «صدقني سنّ بكره»، وروى البكري عن ابن الأعرابيّ أن رجلا سام رجلا بكرا على أن يشتريه مسنّا، فقال البائع: هذا جمل؛ لبكرله، وقال المشتري: هذا بكر، فقال البائع: بل هو مسنّ، فبينما هما يتنازعان إذ نفر البكر، فقال صاحبه: ليسكّن نفاره: «هدع هدع»، وهي كلمة من العرب يسكّن بها صغار الإبل عند نفارها، ولا تقال للكبار، فقال المشتري عند ذلك: صدقني سنّ بكرة. تبعة؛ شرحت في الصّدر. أحجم:
تأخّر فزعا. أقدم: تقدم متشجّعا. استقال: طلب الإقالة. [الرجز]
***
أنا السّروجيّ وهذا ولدي ... والشّبل في المخبر مثل الأسد
وما تعدّت يده ولا يدي ... في إبرة يوما ولا في مرود
وإنّما الدّهر المسيء المعتدي ... مال بنا حتّى غدونا نجتدي
كلّ ندى الرّاحة عذب المورد ... وكلّ جعد الكفّ مغلول اليد
بكلّ فنّ وبكلّ مقصد ... بالجدّ إن أجدى وإلّا بالدّد
لنجلب الرّشح إلى الحظّ الصّدى ... وننفد العمر بعيش أنكد
والموت من بعد لنا بالمرصد ... إن لم يفاج اليوم فاجي في غد
***
الشّبل: ولد الأسد. المخبر: التجربة والخبرة. تعدّت: ظلمت، والمتعدّي:
الظالم المجاوز الحدّ في الظلم. مال بنا، أي حطّنا. نجتدي: نسأل الناس الجدا، وهو العطاء. نديّ الراحة: كريم الكفّ. وجعد الكفّ، ضدّه، وأراد أن يسأل كل كريم سهل العطاء، وكل لئيم صعبه، وأصل الجعودة انقباض الشعر، ثم استعيرت لقبض الكفّ من اللؤم، ومثله مغلول اليد، أي كأنّ يده محبوسة بغلّ للؤمها، والسائل كأنه يحاول بسطها بالجود فيجدها محبوسة بغلّ اللؤم، وفي الكتاب العزيز: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ [الإسراء: ٢٩] فهذا نهي عن التبذير.
وقال حبيب في قصيدة يمدح بها حفص بن عمر الأزديّ ويذكر الجعودة، وهي:
[الطويل]
يرى الوعد أخزى العار إن هو لم تكن ... مواهبه تأتي مقدّمة الوعد (١)
فلو كان ما يعطيه غيثا لأمطرت ... سحائبه من غير برق ولا رعد
من القوم جعد أبيض الوجه والنّدى ... وليس بنان يجتدى منه بالجعد
وقال البحتريّ: [الخفيف]
(١) الأبيات في ديوان أبي تمام ص ١٣٠.