للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيا جامع الدنيا لغير بلاغة ... لمن تجمع الدّنيا وأنت تموت؟

ومما وجد على قبر مكتوبا: [البسيط]

إن الحبيب من الأحباب مختلس ... لا يمنع الموت بوّاب ولا حرس

فكيف تفرح بالدّنيا ولذّتها ... يا من يعدّ عليه اللفظ والنّفس؟

لا يرحم الموت ذا جاه لعزّته ... ولا الذي كان منه العلم يقتبس

قد كان قصرك معمورا له شرف ... فقبرك اليوم في الأجداث مندرس

ووجد على قبر مكتوبا: [الوافر]

وقفت على الأحبة حين صفّت ... قبورهم كأفراس الرّهان

فلما أن بكيت وفاض دمعي ... رأت عيناي بينهم مكاني

قال أعرابيّ: من خاف الموت بادر الفوت، ومن لم يقمع النفس عن الشهوات بادرت به إلى الهلكات، والجنة والنار أمامك.

مرض أعرابيّ فقيل له: إنك تموت، قال: وإذا مت فإلى أين أذهب؟ قالوا: إلى الله، قال: فما كراهتي أن أذهب إلى من لم أر الخير إلّا منه! .

وقال أعرابيّ: ما بقاء عمر تقطعه الساعات، وسلامة بدن معرّض للآفات! ولقد عجبت للمؤمن كيف يكره الموت وهو ينقله إلى الثواب الذي أحيا له ليله، وأظمأ له نهاره! .

وقال آخر: من كانت مطيّتاه الليل والنهار، سارا به وإن لم يسر، وبلغا به وإن لم يبلغ.

آخر: تصرّف الليل والنهار، لا تبقى معه الأعمار، ولا لأحد فيه الخيار.

***

قوله: مجنوز، أي ميّت؛ وحكى ابن سيده قول بعضهم: جنزت الميت إذا سترته بالكفن. وقال الحسن- لما أنذر بجنازة النّوار امرأة الفرزدق- للمنذر بها: إذا جنزتموها فآذنوني بالجنازة، والجنازة من جنزت وهي بالفتح الميّت، وبالكسر النعش، وقيل معناهما واحد، وهو الميّت والمختار الكسر. يقبر: يدفن. انحزت: ملت. المآل:

المرجع. مذكّرا: متذكّرا. درج: هلك. الآل: الأهل. ألحدوا: دفنوا وألقوه في اللّحد، وهو حفير في جانب القبر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المقبرة يقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون» (١).


(١) روي بطرق وأسانيد متعددة، أخرجه مسلم في الطهارة حديث ٣٩، والجنائز حديث ١٠٣، ١٠٤، وأبو داود في الجنائز باب ٧٩، والنسائي في الطهارة باب ١٠٩، والجنائز باب ١٠٣، وابن ماجة في

<<  <  ج: ص:  >  >>