وكان عليّ رضي الله عنه إذا دخلها يقول: السّلام عليكم يا أهل الديار الموحشة والمنازل المقفرة، من المؤمنين والمؤمنات. اللهمّ اغفر لنا ولهم، واعف عنّا وعنهم. ثم يقول: الحمد لله الّذي جعل الأرض كفاتا، أحياء وأمواتا، منها خلقنا، وإليها معادنا، وعليها محشرنا، طوبى لمن ذكر المعاد، وقنع بالكفاف ورضي عن الله.
وكان الحسن البصريّ رحمه الله إذا دخل قال: اللهمّ ربّ الأجساد البالية، والعظام النّخرة، التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، أدخل عليها روحا منك وسلاما منا.
قوله:«أشرف»: أي طلع. والرّباوة: الكدية. متخصّر: أي جاعلها مما يلي خصره. هراوة: عصا. لفع: غطّى. نكّر: غيّر هيئته. لدهائه: لمكره.
***
فقال: لمثل هذا فليعمل العاملون، فاذكروا أيّها الغافلون، وشمّروا أيّها المقصّرون، وأحسنوا النّظر أيّها المتبصّرون. ما لكم لا يحزنكم دفن الأتراب، ولا يهولكم هيل التّراب، ولا تعبئون بنوازل الأحداث، ولا تستعدّون لنزول الأجداث، ولا تستعبرون لعين تدمع، ولا تعتبرون بنعي يسمع، ولا ترتاعون لإلف يفقد، ولا تلتاعون لمناحة تعقد، يشيّع أحدكم نعش الميت، وقلبه تلقاء البيت، ويشهد مواراة نسيبه، وفكره في استخلاص نصيبه، ويخلّي بين ودوده ودوده، ثم يخلو بمزمره وعوده.
***
ويقال: قصر فهو مقصّر، إذا ترك الشيء وهو قادر عليه وشمّر: اجتهد.
والمتبصّر: الناظر في الشيء على وجه التفهّم، فقد يصيب وقد يخطئ، ولذلك قالوا: أحسنوا النظر. الأتراب: الأصحاب المتقاربون في الموالد، كأنّهم قطعوا من تربة واحدة، وأكثر ما يقع للنساء، وإذا مات للإنسان صاحب على سنّه كان أوقع لحزنه، فلذا نبّه بالتّرب، قال الإلبيريّ:[المتقارب]
فإنّ الردى غلّ أهل التقى ... فلم يبق إلا الغشوم العتيد
وأودى بكلّ خليل ودود ... فأين، ولا أين، خلّ ودود!
وكن من أخي ثقة قد لحدت ... فلله ما غيّبته اللّحود
وأثكلني الأنس ثكل اللّذات ... فصرت كأن غريب وحيد
- الجنائز باب ٣٦، والزهد باب ٣٦، وأحمد في المسند ٢/ ٣٠٠، ٣٧٥، ٤٠٨، ٥/ ٣٥٣، ٣٦٠، ٦/ ٧١، ٧٦، ١١١، ١٨٠، ٢٢١.