للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكم من شقيّ يواري التراب ... وكم من سعيد يواري الصّعيد!

قوله: «يهولكم»، أي يفزعكم، والهيل: الصبّ الكثير من أعلى إلى أسفل، في مثل كدس الرمل، وعند صبّ التّراب على الميت تطير القلوب إشفاقا، وتسيل العيون رحمة، قال أبو العتاهية: [الوافر]

بكيتك يا أخيّ بدمع عيني ... فلم يغن البكاء عليك شيّا

كفى حزنا بدفنك ثمّ أنّي ... نفضت تراب قبرك من بديّا

وكانت في حياتك لي عظات ... وأنت اليوم أوعظ منك حيّا

أبو علي الرازيّ: مررت بصبيان في طريق الشأم يلعبون بالتّراب، وقد ارتفع الغبار، فقلت: مهلا، قد غبّرتم، فقال صبي منهم: يا شيخ: أين تفر إذا هيل عليك التراب في القبر، فغشي عليّ، فأفقت والصبيّ قاعد عند رأسي مع الصبيان يبكون، فقلت له: أعندك حيلة في الفرار من التراب؟ قال: أنا لا أعلم، ولكن سل غيري، فقلت: ومن غيرك؟

قال: عقلك. تعبئون: تبالون وتهتمون. والنوازل: جمع نازلة، وهي المصيبة.

الأحداث: ما يحدث على الإنسان من الخير والشر. والأجداث، بالجيم: القبور، واحدها جدث وجدف. تستعبرون: تبكون. تعتبرون: تتّعظون وترونه عبرة. والنّعي:

ذكر موت الإنسان، وكانت العرب إذا مات منها سيّد ركب رجل فرسه، ومشى في الأحياء، فيقول: نعاء فلانا، والناعي: المخبر بموت الرجل، وقد نعاه نعيا. ترتاعون:

تخافون. إلف: صاحب، وهو في الأصل مصدر ألفت الشيء إلفا، فسمّي به، ويقال في معناه: أليف. تلتاعون: تحترقون من الحزن، واللّوعة: حرقة من الهمّ. المناحة: اجتماع النساء للبكاء على الميت. تعقد: تجمع وتؤلّف. وقلبه تلقاء البيت، أي قلبه مستقبل لبيت الميت، يفكّر فيما ترك ليرثه. مواراة: دفن، وقد واراه، إذا ستره. استخلاص:

تحصيل. ودوده الأول: محبوبه الذي يودّه، ودوده الثاني: جمع دودة، والواو للعطف.

وقال سابق البربريّ في معنى ما تقدم: [البسيط]

نلهو ونأمل أياما تعدّ لنا ... سريعة المرّ تطوينا ونطويها

كم من عزيز سيلقى بعد عزّته ... ذلّا، وضاحكة يوما سنبكيها

وللحتوف تربّي كلّ مرضعة ... وللحساب برى الأرواح باريها

لا تبرح النفس تنعى وهي سالمة ... حتى يقوم بنادي القوم ناعيها

ولن تزال طوال الدهر ظاعنة ... حتى تقيم بواد غير واديها

أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدّهر نبنيها

وقال آخر: [البسيط]

اعمل وأنت من الدّنيا على حذر ... واعلم بأنّك بعد الموت مبعوث

<<  <  ج: ص:  >  >>