القرابة، وأنت ذو الرحم الواشحة. والسليم الناحية، والقليل الغائلة. ثم صافحه بيمينه، وعانقه بشماله، وأجلسه معه على فراشه، وأقبل يسائله ويحادثه، ثم قال: عجّلوا لأبي عبد الله إذنه وجائزته وكسوته. فلما خرج أمسكه الربيع وقال له: رأيتك قد حرّكت شفتيك فانجلى الأمر، وأنا خادم السلطان، ولا غنى لي عنه، فعلّمني إياه، فقال: نعم، قلت: اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بحفظك الذي لا يرام، لا أهلك وأنت رجائي، فكم من نعمة أنعمتها عليّ قلّ عندها شكري فلم تحرمني، وكم من بليّة ابتليت بها قلّ عندها صبري فلم تخذلني. اللهمّ بك أدرأ في نحره، وأعوذ بك من شره.
ومن قال إذا سمع المؤذن: رضيت بالله ربّا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّا، غفرت له ذنوبه.
ومن دعاء الأعراب: قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: ما من قوم أشبه بالسّلف من الأعراب لولا جفاء فيهم.
وقال: غيلان إذا أردت أن تسمع الدعاء فاسمع دعاء الأعراب.
وقال الأصمعي: سمعت أعرابيّا بفلاة من الأرض يقول: اللهمّ إن استغفاري إياك مع كثرة ذنوبي للؤم، وإن تركي الاستغفار مع معرفتي سعة رحمتك لعجز، إلهي كم تتحبّب إليّ برحمتك وأنت غني عني، وكم أتبغّض إليك بذنوبي وأنا فقير إليك:
يا من إذا وعد وفّى، وإذا أوعد عفا، أدخل عظيم جرمي في عظيم عفوك، يا أرحم الراحمين.
قال: وسمعت آخر يقول في دعائه: اللهم إنّي أسألك عمل الخائفين، وخوف العاملين، حتى أتنعّم بترك النعيم طمعا فيما وعدت، وخوفا ممّا أوعدت. اللهمّ أعذني من سطواتك، وأجرني من نقماتك.
قال: ودعت أعرابيّة لابن لها خرج مسافرا، فقالت: كان الله صاحبك في السفر، وخليفتك في أهلك، وانجح طلبتك، امش مصاحبا مكلوءا، لا أشمت الله بك عدوّا، ولا أرى فيك لمحبّك سوءا.
وهذا الباب كثير، وإنما ذكرنا من الأدعية ما جرّب واستحسن، والله ينفع بها آمين.
قال أعرابي يصف دعوة: [الطويل]
وسارية لم تسر في الليل تبتغي ... محلّا ولم يقطع بها البيد قاطع
سرت حيث لم تسر الرّكاب ولم تنخ ... لورد ولم يقصر لها القيد مانع
تحلّ وراء الليل والليل ساقط ... بأوراقه فيه سمير وهاجع
تفتّح أبواب السماء لوفدها ... إذا قرع الأبواب منهنّ قارع
إذا وفدت لم يردد الله وفدها ... على أهلها، والله راء وسامع