للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن من يركب الفواحش سرا ... حين يخلو بسرّه غير خال (١)

كيف يخلو وعنده كاتباه ... شاهداه وربّه ذو الجلال

وقال أبو نواس: [الطويل]

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل ... خلوت، ولكن قل عليّ رقيب (٢)

ولا تحسبنّ الله يغفل ساعة ... ولا أنّ ما يخفى عليه يغيب

لهونا لعمر الله حتى تراكمت ... ذنوب على آثارهن ذنوب

حالك: عزّتك ومالك. آن: حان وقرب. ارتحالك: انتقالك، توبقك: تهلكك، يقال: أوبقته الذنوب، أهلكته فوبق، أي هلك ووبق أيضا.

وقال أعشى همدان: [البسيط]

أستغفر الله أعمالي الّتي سلفت ... من عثرة يعاقبني بها أبق

زلّت: زلقت .. معشرك: قومك. محشرك: موضعك الذي تحشر إليه.

***

هلّا انتهجت محجّة اهتدائك، وعجلت معالجة دائك، وفللت شباة اعتدائك، وقدعت نفسك فهي أكبر أعدائك!

أما الحمام ميعادك فما إعدادك! وبالمشيب إنذارك، فما أعذارك، وفي اللّحد مقيلك، فما قيلك! وإلى الله مصيرك فمن بصيرك! طالما أيقظك الدّهر فتناعست، وجذبك الوعظ فتقاعست، وتجلّت لك العبر فتعاميت، وحصحص الحقّ فتماريت، وأذكرك الموت فتناسيت، وأمكنك أن تواسيفما آسيت.

***

انتهجت: ركبت. والنهج المنهج والمنهاج: الطريق الواضح. محجّة: طريق، من حجة يحجّه، إذا قصده. اهتدائك؛ استقامتك. معالجة: مداواة. فللت كسرت. شباة: حدّ.

اعتدائك: جورك وظلمك. قدعت: كففت قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس عدوّك الذي إن قتلته كان لك نورا، وإن قتلك دخلت الجنة، ولكن أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك». قال الأصمعي: كنّا بطريق مكة في بعض المنازل، إذ وقفت علينا أعرابية فقالت: أطعمونا مما أطعمكم الله، فناولها بعض القوم شيئا فقالت له: كبت الله لك كلّ عدوّ لك إلا نفسك.


(١) الأبيات في ديوان النابغة ص ٦٤.
(٢) البيتان في ديوان أبي نواس ص ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>