للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحدّ: الأوّل الفصل بين الشيئين، وأصله المنع، والحدّ الآخر حدّ السيف وشبهه.

يكلّ: يضعف.

***

وتعدّي الأدب، يحبط القرب، وتناسي الحقوق، ينشئ العقوق، وتحاشي الرّيب يرفع الرّتب، وارتفاع الأخطار باقتحام الأخطار، وتنوّه الأقدار بمواتاة الأقدار، وشرف الأعمال في تقصير الآمال، وإطالة الفكرة تنقيح الحكمة، ورأس الرّئاسة تهذّب السّياسة، ومع اللّجاجة تلغى الحاجة، وعند الأوجال تتفاضل الرّجال، وبتفاضل الهمم تتفاوت القيم، وبتزيّد السّفير يهن التّدبير، وبخلل الأحوال تتبيّن الأهوال، وبموجب الصّبر ثمرة النّصر، واستحقاق الإحماد بحسب الاجتهاد، ووجوب الملاحظة، كفاء المحافظة، وصفاء الموالي بتعهد الموالي، وتحلّي المروءات يحفظ الأمانات، واختبار الإخوان بتخفيف الأحزان، ودفع الأعداء بكفّ الأودّاء، وامتحان العقلاء بمقارنة الجهلاء، وتبصّر العواقب يؤمن المعاطب، واتقاء الشّنعة ينشر السّمعة، وقبح الجفاء ينافي الوفاء، وجوهر الأحرار عند الأسرار.

***

تعدّي: تجاوز. يحبط: يفسد.

ينشئ العقوق: يظهر المقاطعة. تحاشى: ترك واعتزال.

الرّيب: التّهم. الرّتب: المنازل الرفيعة، قال بعض الحكماء: ثلاثة لا غربة معهنّ:

مجانبة الرّيب، وحسن الأدب، وكفّ الأذى.

ونظمها الشاعر فقال: [المتقارب]

يزين الغريب إذا ما اغترب ... ثلاث، فمنهنّ حسن الأدب

وثانية حسن أخلاقه ... وثالثهنّ اجتناب الرّيب

وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه لدهقان بعض ملوك العجم: بم ينبل الرجل عندكم؟ قال: بترك الكذب، فإنه لا يشرف إلا من وثق بقوله. وبقيامة بأهله، فإنه لا ينبل من يحتاج أهله إلى غيره، وبمجانبة الرّيب فإنه لا يعزّ من لا يأمن أن يصادف على سوأة.

وبالقيام بحاجات الناس، فإنه من رجي الفرج لديه كثرت غاشيته.

قوله: «ارتفاع الأخطار» أي شرف الأقدار والقيم. اقتحام: دخول شديد، يقال:

فلان يقتحم في الأمور، أي يدخل فيها بغير تثبّت ولا رويّة، وتقحّمت الناقة، إذا ندّت فلم يمسكها راكبها، ومنه قحمة العرب، سمّيت قحمة، لأنهم إذا أجدبوا تركوا البادية ودخلوا الريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>