للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تحفلن بمعشر اله ... مج الذين تراهم

فبحق من أبلي بهم ... نفسي ومن عافاهم

لو قيس مولاهم بهم ... كانوا إذا مولاهم

ثم نظر حوله، فرأى غلاما جميل الوجه، حسن اللبسة، فهجم عليه وشقّ ثيابه وهو يقول: [الكامل]

هذا السعيد لديهم ... قد صار بي أشقاهم

وافينا: وصلنا. صاحب المعونة: والي الجنايات، وقال الرستميّ: ولي فلان المعونة، أي ولي العون، أي ولّاه السلطان عونه على حفظ المدينة ولفظها مفعولة وهي بتأويل المصدر بمنزلة قولهم: ما له معقول، أي عقل ولا مجلود أي جلد.

مروّعا بسمته، أي مفزعا بهيئته ووقاره.

***

فقال له الشّيخ: أعزّ الله الوالي، وجعل كعبه العالي، إنّي كفلت هذا الغلام فطيما، وربّيته يتيما؛ ثمّ لم آله تعليما. فلمّا مهر وبهر، جرّد سيف العدوان وشهر، ولم أخله يلتوي عليّ ويتّقح، حين يرتوي منّي ويلتقح. فقال له الفتى: علام عثرت منّي؛ حتّى تنشر هذا الخزي عنّي، فو الله ما سترت وجه برّك، ولا هتكت حجاب سترك، ولا شققت عصا أمرك، ولا ألغيت تلاوة شكرك.

فقال له الشيخ: ويلك وأيّ ريب أخزى من ريبك، وهل عيب أفحش من عيبك، وقد ادّعيت سحري واستلحقته، وانتحلت شعري واسترقته، واستراق الشّعر عند الشعراء، أفظع من سرقة البيضاء والصّفراء، وغيرتهم على بنات الأفكار، كغيرتهم على البنات الأبكار. فقال الوالي للشّيخ: وهل حين سرق سلخ، أم مسخ أم نسخ!

***

جعل كعبه العالي، أي جعل أسفل شيء منه يعلو أرفع شيء في غيره. كفلته:

ضممته وقمت بمؤنته.

أبو هريرة رضي الله عنه، قال النبي صلّى الله عليه وسلم «أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين- وهو يشير بإصبعيه- وخير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشرها يتيم يساء إليه» (١).


(١) أخرجه البخاري في الطلاق باب ٢٥، والأدب باب ٢٤، ومسلم في الزهد حديث ٤٢، وأبو داود في الأدب باب ١٢٣، والترمذي في البر باب ١٤، ومالك في الشعر حديث ٥، وأحمد في المسند ٢/ ٣٧٥، ٥/ ٣٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>